ما بين العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، توزعت خيبات وخسائر السعودية الخارجية، العسكرية منها والسياسية.
تقرير: عباس الزين
أوصل ولي العهد، محمد بن سلمان، وبسياساته المتهورة في عام 2017، رصيد المملكة من نفوذٍ في البلدان المذكورة، إلى مستوياتٍ متدنية لم تشهدها من قبل.
في العراق، شكّل انهزامُ تنظيم “داعش” ضربةً قوية للمشروع السعودي هناك، لا سيما وأن الرياض عولت على التنظيم في تفتيت البلدِ ونهب ثرواته، وسلب مصادر قوته، إلا أن الجيش العراقي و”الحشد الشعبي” كان لهم الكلمة العليا بوجه السعودية ومشاريعها، لتختم بغداد عام 2017 بتحرير كامل الأراضي العراقية، وإفشالها مشاريع التقسيم التي قادها رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني بمباركة ودعمٍ سعوديين أيضاً.
ليسَ بعيداً عن إنجازات الجيش العراقي و”الحشد الشعبي”، كان الجيش السوري يحقق إنجازاتٍ ذات أهمية استراتيجية مماثلة لما في العراق. وجدت السعودية، الداعم الأبرز للمجموعات المسلحة المقاتلة في سوريا، نفسها مع بداية عام 2017 أمام مأزقِ تحرير حلب وتوسع الجيش السوري شمالاً، وفي نهايته أمام تحرير الجيش السوري لدير الزور، وفرض سيطرته شرقاً وربط العمق الاستراتيجي لمحور المقاومة بين العراق وسوريا ببعضه.
أمّا سياسياً، فإن التعنت السعودي والتصعيد غير المبرر وغير المحسوب ضد إيران، الحليف الأبرز لسوريا، همّش دور الرياض في الأزمة السورية لصالح أنقرة، وهو ما ظهر واضحاً في جولاتِ مؤتمر أستانة الثمانية خلال عام 2017، إذ لم يكن للسعودية أي دور في نتائجها وقرارتها التي أثرت بشكلٍ مباشر على الميدان السوري، والحلول السياسية للأزمة.
وفي مواصلةٍ لطريقِ الهزائم والخيبات السعودية، كانت الحدود اللبنانية السورية، على موعدٍ أيضاً مع حسمٍ عسكري، أثّر بشكل كبير على النفوذ السعودي في لبنان. فقد استطاعت قوات الجيش اللبناني والمقاومة تحرير كامل الأراضي التي كانت تسيطر عليها الجماعات المسلحة، التي أخذت غطاءً سياسياً وأمنياً من الفريق الحليف للسعودية في لبنان، أصبحت خارج دائرة التأثير، ما أفقد الرياض عاملاً مهماً للضغط على بيروت، وفرض أي أجندةٍ عليها.
واستكمالاً للتهور السعودي، كان احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، وإجباره على تقديم استقالته، الضربة القاضية التي وجهتها الرياض إلى نفسها، حيث أن قرار إبن سلمان هذا انعكس تماسكاً وطنياً لبنانياً بوجه السعودية من الطوائف كافة ومختلف الأحزاب والشخصيات حتى التي تعتبر حليفة للسعودية، ما فرض واقعاً دولياً نتج عن التماسك الوطني، أوقف المغامرة السعودية غير المحسوبة.
وفي فلسطين، كان التآمر السعودي واضحاً على القضية الفلسطينية والقدس، ما ولّد حالة غضبٍ ضد السعودية في الشارع الفلسطيني ومن الفصائل المقاوِمة التي أعلنت صراحةً تحالفها العميق والإستراتيجي مع الجمهورية الإسلامية بوجه المشاريع الأميركية التي كانت السعودية عرابةً لتنفيذها، بعد القرار الأميركي باعتبار القدس “عاصمة” لكيان الإحتلال، في وقتٍ كانت فيه صور الملك سلمان وولي عهده محمد تُحرق في المظاهرات الفلسطينية المستنكرة للقرار الأميركي.
حاولت السعودية من خلال قراراتها الخارجية، محاربة ما تسميها بـ”النفوذ الإيراني”، إلا أن النتائج التي اختتم بها عام 2017 توضح أن تلك المحاولات عززت من الحضور الإيراني في المنطقة من لبنان إلى سوريا والعراق وفلسطين، وهو ما يعتبر نكسة تعرضت لها السعودية في علاقاتها وحضورها الخارجي، خلال العام الماضي.