السعودية/ نبأ (خاص)- تواصل الطائرات السعودية والإماراتية غاراتها على مواقع تنظيم داعش في سوريا بالشراكة مع قوات التحالف الدولي ضد التنظيم. مشاركة تبدو المملكة موعودة بثمار سياسية على المدى البعيد. وبانتظار ما سيجليه الميدان من تطورات متوقعة أو غير محسوبة في المرحلة المقبلة، يحاول أطراف الخندق المضاد مجتمعين تحويل التهديد إلى فرصة على الرغم مما يبرز بينهم من تناقضات.
اذا ليست مشاركة الطائرات السعودية والإماراتية في حرب أمريكية أو أطلسية الأولى من نوعها، لطالما شكلت أسلحة وأموال الممالك والإمارات وقودا للحملات العسكرية الأجنبية في الشرق الأوسط. عام 2011 جلى هذه العلاقة الطردية بشكل واضح، حينها سارعت دول الخليج إلى تثبيت أقدامها في ليبيا، بالغارات الجوية والحسابات المالية أرادت السلالات الإكتتاب في مشروع إسقاط نظام معمر القذافي، مشروع أمل الخليجيون في أن يرفع رصيدهم السياسي مستقبلا.
اليوم يتكرر السيناريو نفسه في سوريا، تشارك السعودية والدائرون في فلكها في ضربات التحالف الدولي ضد داعش، في أملها أن هذه الضربات ستسهم في إضعاف التنظيم وسيعقبها تصدير من يسمون المقاتلين المعتدلين إلى سوريا لمحاربة نظام الرئيس بشار الأسد وصولا إلى إسقاطه. تصدق الرياض هذه الرواية فعلا، وزير خارجيتها سعود الفيصل ما زال يتحدث عن خنق النظام السوري وتشديد الحصار الإقتصادي عليه وملاحقة رموزه وتكريس عزلته السياسية وتشجيع الإنشقاقات في صفوفه.
رواية لا يبدو الغرب حتى الساعة متبنيا لها، أقصى ما يطمح إليه أطراف التحالف الدولي إستغلال المعارضة المعتدلة كما يسمونها لتحسين شروط التفاوض والتوطئة لتسوية شاملة. طموح يتجلى كذلك في المعسكر المضاد وإن على نحو مرتكس تماما، هنا يسعى ما يعرف بحلف الممانعة في تحويل التهديد إلى فرصة، بالنسبة لسوريا ثمة فرصة ذهبية لإرباك الإرهابيين وبالتالي تحسين ظروف قتال الجيش السوري، يضاف إلى ذلك أن ائتلاف أكثر من أربعين دولة لمحاربة داعش على الأراضي السورية يثبت إلى حد بعيد صدقية سردية الرئيس الأسد حول الصراع بين الدولة والإرهاب.
وعلى المقلب الإيراني تظهر طهران راهنا مطمئنة إلى سلوك العملية الأمريكية الخليجية مسارات آمنة، في رؤيتها الإستراتيجية أن عرابي التحالف لا يطمعون في إسقاط النظام السوري وأن هذا الإئتلاف معرض لانفجار داخلي مدو جراء التناقضات التي يمور بها. من هنا تحاول إيران الإستفادة من المعركة عن بعد وتثمير الضربات ضد داعش لصالح معسكرها من دون التغافل عما قد يحمله المستقبل من سناريوهات خطيرة.
سيناريوهات ليست روسيا بعيدة من التحسب لها، بعصا القانون الدولي والإستعدادات الإستراتيجية تلاحق موسكو العم سام اتقاء لأية مفاجآت. بالنتيجة، يتهيأ الأطراف جميعهم للإحتمالات كافة، قد ينتهي بهم المطاف إلى طاولة المفاوضات وتسوية حتمية أو يدفعهم الميدان إلى مواجهة شاملة، وفي كلتا الحالتين لا يبدو الخاسر الإستراتيجي الأكبر إلا على الضفة الخليجية.