نبأ نت – يعتبر الكاتب والباحث السعودي الدكتور فؤاد إبراهيم أن موازنة 2019 التي أعلنت عنها السعودية، يوم الثلاثاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2018، تتضمن “رسائل طمئنة” إلى الدول والمستثمرين حول “متانة” الاقتصاد السعودي، خصوصاً بعد مقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي، ويعتبر أيضاً أن الكثير من المشاريع “أصبح على الرف”. ويحذر من أن نسبة الضرائب سترتفع، مشدداً على أن نسبة الفقر والمديونية “تضاعفت بعشرات المرات”.
في حديث إلى قناة “نبأ” الفضائية”، يذكر إبراهيم أن الأرقام الواردة في ميزانية السعودية لعام 2019 والميزانيات السابقة تخضع دائماً لعمليات تغيير وتبديل بحسب رغبة الملك والقيادة السياسية في السعودية، لأن هناك رسائل غير اقتصادية من وراء هذه الموازنة، ورسائل إلى الخارج بدرجة أساسية”.
السعودية، من وجهة نظر إبراهيم، “تعيش أسوأ حالاتها على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الاستثمارات وعلى مستوى “رؤية 2030″، مضيفاً “السعودية بحاجة إلى أن تبعث رسائل إلى المستثمرين وللدول والشركات من أجل طمئنة هذه الأطراف إلى أن الاقتصاد السعودي مستقر ومتين وينمو بصورة دائمة”.
وبحسب إبراهيم، فإن الأرقام لم تكن كما في الموازنات السابقة، فحاولت أن تجمع بين الحقيقة والخيال، لأن بعض الأرقام كانت تقريبية لا سيما لناحية الاستثمارات الأجنبية في السعودية”، فـ “تكلمت الموازنة عن 6 مليارات و600 مليون ريال، وهي نصف الاستثمارات الحقيقية وهي مليار و200 مليون دولار بحسب منظمة “مؤتمر الاستثمارات الأجنبية في العالم”.
ويشدد إبراهيم على أن هناك “حاجة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أن “يبعث رسالة إلى العالم خصوصاً بعد مقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي بأن الاقتصاد السعودي على ما يرام”. وكذلك، يلفت إبراهيم الانتباه إلى أن “أسعار النفط التي يُفترض أنها أثرت كثيراً على الميزانية خصوصاً مع نهاية العام (2018)، والتي يفترض أن تستمر خصوصاً في المرحلة المقبلة، هذه لم تؤخذ في نظر الاعتبار، رغم أن في بيان الموازنة، خصوصاً فيما يتعلق بالتحديات التي سوف تواجه الموازنة والاقتصاد السعودي، أخذ بالاعتبار أسواق النفط المتقلبة وتبعاً لها، الأسعار”.
وأضاف “الموازنة لم تأخذ في الاعتبار بعض المتغيرات في ما يرتبط بالمشاريع المرتبطة بالرؤية مثل “مدينة نيوم” التي أصبحت اليوم مشروعاً حالماً وأصبح على الرف ولم يدخل حيز التنفيذ”، مستشهداً على كلامه بما نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” قبل أيام بأن ابن سلمان أبلغ المستثمرين بأنهم لن يستطيعوا الاستثمار في هذا المشروع لسنوات مقبلة”، فـ “ليس هناك من أموال كافية لتمويل مشروع طموح بهذا الحجم الذي تصل تكلفته إلى نصف مليار دولار”.
إبراهيم أيضاً إلى “كلام كثير جداً حول مجمل المشاريع الوادرة في “رؤية 2030″ بما في ذلك مشروع الطاقة الشمسية والاستثمارات في المجال الفضائي مع ريتشارد طومسون. هناك جملة مشاريع متوقفة وللأسف الشديد يستعاض عنها بهذه الاحتفالات والرقص والأغاني في الدرعية وغيرها”.
ولأول مرة، “نشهد هذا التواضع حتى من قبل المطبلين لمحمد بن سلمان، أنهم باتوا عاجزين حتى عن الدفاع وعن الابتهاج بالطريقة التي كانوا ربما لغياب رأس المطبلين سعود القحطاني ورغم أنه ما زال يعمل”، بحسب ما يقول إبراهيم.
ويحذر من أن “نسبة الضرائب سوف ترتفع بنسبة أكثر من 16 في المئة في الموازنة المقبلة، وبالتالي هناك المزيد من الأعباء على المواطنين وعليهم أن يدفعوا ثمن أخطاء ليست من صنع أيديهم وإنما من صنع النظام وسياساته الاقتصادية الفاشلة”.
“تفاؤل” الرياض بشأن تطبيق “رؤية 2030″، يأتي من منطلق أنها محتاجة إلى أن تبعث “رسالة تفاؤل إلى الخارج خصوخاً أن عام 2018 كان عام الفشل بامتياز لكل المشاريع الاقتصادية وحتى على المستوى السياسي”، فبرأي إبراهيم، أنه “حينما يهرب المستمثرون الأجانب بأموالهم من السوق المحلية، وحين يهرب التجار أموالم إلى الخارج، وحين يحجم المستثمرون الأجانب عن القدوم إلى السوق السعودية”، والمؤتمر الأخير للاستثمار في الرياض كان “دليلاً واضحاً على أن هناك نفوراً أجنبياً ورأسالمياً من الدخول إلى السعودية لأن هذا البلد لم يعد بالإمكان الوثوق بالقيادة التي تدير شؤونه
الاقتصادية والسياسية وليس هناك من هو على استعداد لأن يغامر بأمواله للدخول إلى سوق غير مستقرة”.
وعلى مستوى البطالة، يستاءل إبراهيم عن الذي تغير من موعد إعلان “رؤية 2030″ أبريل / نيسان 2015 وحتى اليوم، بل على العكس البطالة ارتفعت، وأيضاً المشكلات الأخرى تضاعفت، مثل الضرائب ونسبة الفقر والمديونية بعشرات المرات”. ففي عام 2014، “كان الدين العام لا يتجاوز 12 مليار دولار، بينما اليوم نحن نتحدث عن 142 مليار دولار، ويتوقع أن يصل 224 مليار دولار في عام 2021”.
ويقول إبراهيم: “عجزت الموازنة المعلنة عن أن تقدم ما يمكن وصفه بالمنجز الاقتصادي، والإيرادات هي في شقين: ضرائب ونفط. وبالتالي، فإن الكلام حول ابتداع وابتكار موارد جديدة لن تتم بحال من الأحوال. فالضرائب بأشكالها المتنوعة تشكل ما يعلو عن ربع الموازنة”.
وفي خلاصة كلامه، ينبه إبراهيم إلى أن “الأعباء الاقتصادية ازدياد ومعها الأعباء السياسية، حتى الحريات مقموعة”. لذلك، “لم نجد في تاريخ هذا البلد بهذا المستوى من القمع والسياسية القمعية التي هي متزامنة مع إفقار وحرمان الناس حتى من أبسط حقحهم المعيشية”.