نبأ (رويترز) – “هل وصل خروف العيد”؟. يسأل ماهر المطرب، الضابط في الاستخبارات السعودية، صلاح الطبيقي، الطبيب الشرعي في الداخلية السعودية، عما إذا كان جمال خاشقجي، الكاتب الصحافي السعودي القتيل، قد وصل إلى القنصلية السعودية في إسطنبول.
فور دخول خاشقجي القنصلية حدث جدال لوقت قصير جداً مع المطرب، الذي طلب منه أن يخلع معطفه، ويرسل رسالة إلى ابنه بأنه موجود في القنصلية. رفض خاشقجي، بينما ألح المطرب عليه. وسرعان ما بدأت مهمة الطبيقي بتقطيع جثة خاشقجي، ليدور بعد ذلك حوار مع المطرب حول “الطريقة الأمثل” لإخفاء أوصال الجثة المقطعة.
يكشف تقرير للأمم المتحدة، نُشر يوم الأربعاء 19 يونيو / حزيران 2019، أنه قبل لحظات من مقتل خاشقجي وتجزئة جسده في أكتوبر / تشرين أول 2019، في القنصلية السعودية في إسطنبول، كان المطرب والطبيقي، المشتبه فيهم بقتل خاشقجي ينتظران في القنصلية، وسط حالة من القلق بشأن المهمة الوشيكة التي ينتظرانها.
يسأل المطرب الطبيقي إن كان “خروف العيد” قد وصل، في إشارة إلى خاشقجي من دون تسميته باسمه. مضت دقائق قليلة دخل اثرها الكاتب الصحافي القتيل المبنى، وتم اصطحابه إلى مكتب القنصل العام، محمد العتيبي، في الطابق الثاني، حيث التقى بالمطرب الذي كان يعرفه عندما كانا يعملان سوياً في السفارة السعودية في لندن قبل سنوات.
طلب المطرب من خاشقجي أن يبعث إلى ابنه رسالة نصية على هاتفه النقال، ورد خاشقجي قائلاً: “ما الذي أقوله له؟ أراك قريبا؟ لا أستطيع أن أقول إني مخطوف”، وجاء الرد من المطرب قائلاً: “اختصر.. اخلع معطفك”.
فقال خاشقجي: “كيف يمكن أن يحدث هذا في سفارة؟.. لن أكتب أي شيء”. أجابه المطرب: “اكتبها (الرسالة) يا سيد جمال. أسرع. ساعدنا حتى نستطيع مساعدتك لأننا سنعود بك إلى السعودية في نهاية الأمر وإذا لم تساعدنا فأنت تعرف ما الذي سيحدث في النهاية. لننهي المسألة على خير”.
فرغ الطبيقي من تقطيع الجثة. سأله المطرب، الذي عمل مع سعود القحطاني، مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالقول: “هل من الممكن وضع الجذع (أي جذع جثة خاشقجي) في حقيبة؟”.
رد الطبيقي، المتهم بتقطيع الجثة والتخلص منها، قائلاً: “لا. إنه ثقيل جداً”، معبراً عن أمله في أن تكون مهمته “سهلة”.
يواصل الطبيقي قوله: “سيتم بتر الأطراف. هذه ليست مشكلة. الجثة ثقيلة. هذه أول مرة أقوم بالتقطيع على الأرض. إذا أخذنا أكياساً بلاستيكية وقطعناها (الجثة) إلى أجزاء سينتهي الأمر. سنقوم بلف كل جزء منها”.
تورط ابن سلمان
يحتوي التقرير الذي أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد، والتي حققت في مقتل خاشجقي، معلومات أكثر من حوار الطبيقي والمطرب، و”الحوار” مع خاشقجي، ويؤكد التقرير وجود “أدلة موثوقة” على تورط ولي العهد السعودي في قتل خاشقجي.
ويطالب التقرير الأممي بالتحقيق مع ابن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين فيما يتعلق بمسؤوليتهم عن قتل خاشقجي. ويعتمد التقرير على تسجيلات وأعمال بحث جنائي قام بها محققون أتراك ومعلومات من محاكمات للمشتبه فيهم، في السعودية.
ويخلص التقرير إلى أن مقتل خاشقجي “كان متعمداً ومدبراً”. وتعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” ودول غربية بأن ولي العهد السعودي أمر بقتل خاشقجي.
ويقول التقرير إن بقية التسجيلات تحتوي على “أصوات حركة وأصوات لاهثة بشكل كبير وصوت أغطية بلاستيكية يتم لفها، وهو ما خلصت إليه الاستخبارات التركية بعد مقتل خاشقجي بأن المسؤولين السعوديين قطّعوا جثته”.
وقتل خاشقجي، في 2 أكتوبر/ تشرين أول 20189، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولي العهد السعودي بأنه الآمر بقتله. وبعد 18 يوماً من الإنكار والتفسيرات المتضاربة، أعلنت الرياض عن مقتل خاشقجي داخل القنصلية، إثر “شجار” مع أشخاص سعوديين، وتوقيف 18 مواطناً في إطار التحقيقات، من دون الكشف عن المسؤولين عن الجريمة أو مكان الجثة.
وطالب النائب العام السعودي سعود المعجب، في يناير / كانون ثاني 2019، بالإعدام لـ 5 من أصل 11 شخصاً، من المتورطين بقتل خاشقجي، قالت السلطات السعودية إنها بدأت محاكمتهم في القضية ولم يُكشف عن هوّياتهم.