السعودية/ نبأ- قالت صحيفة "الفاينانشال تايمز" البريطانية إن تنامي الجماعات الإرهابية وانخفاض أسعار النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقوض أي فرص للتركيز المستدام على تحقيق النمو الاقتصادي هذا العام.
وذكرت الصحيفة في سياق تقرير لها أنه مع تصاعد وتيرة الاضطرابات السياسية في المنطقة، بدأ التراجع الحاد في أسعار النفط في كبح جماح الزخم القوي في نمو الاقتصادات الخليجية.
وأوضح التقرير أن القلاقل السياسية اتسع نطاقها مع التهديدات التي يفرضها المتشددون من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) على العراق وسوريا، وامتداد خطرهم حاليا في ليبيا المصدرة للنفط.
ولم تسلم أيضا تونس صاحبة الديمقراطية الناشئة بعد الربيع العربي من الدخول في دوامة العنف التي تغرق فيها العديد من بلدان المنطقة.
وكان العامل الجيوسياسي هو الحاسم في المناقشات التي دارت بين الدول التي تشن حاليا العمليات العسكرية المعروفة بـ " عاصفة الحزم" بقيادة المملكة العربية السعودية ضد معاقل "أنصار الله" الحوثيين في اليمن والتي تسعى في ظاهرها إلى إعادة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي إلى الحكم.
وقال توماس بايرن، المحلل في "موديز" وكالة التصنيف الائتماني: "منذ أواسط عقد الثمانينيات من القرن الماضي، كانت الأحداث السياسية نادرًا ما تتسبب في رفع التصنيفات الائتمانية."
وأضاف بايرن: " لكن منذ الربيع العربي، باتت تلك الأحداث جزءا لا يتجزأ من المشهد وهي تقود التصنيفات الائتمانية للدول إلى الانخفاض."
واضحت الدول الخليجية التي حققت طفرات مالية من إيرادات النفط التي بلغت مستويات صاروخية لسنوات عديدة، تقف على حافة الهاوية بعد تدخلاتها العسكرية في دول مثل اليمن وسوريا وليبيا، في الوقت الذي تغدق عليه بالمساعدات على مصر لدعم نظامها الحاكم.
فقد منحت الإمارات وحدها 18 مليار دولار لـ مصر لإنعاش اقتصادها المحلي، ناهيك عن تعهد كل من السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعدات إضافية قدرها 12 مليار دولار للقاهرة خلال المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد أواسط مارس الماضي في شرم الشيخ.
وهبطت أسعار النفط بأكثر من النصف في ستة شهور، من 115 دولار للبرميل في يونيو من العام الماضي إلى ما قيمته حوالي 55 دولار في مارس 2015، قبل أن ترتفع الأسعار مجددا مع اندلاع العمليات العسكرية التي تقودها السعودية على الحوثيين في اليمن.
فمن ناحية، قدمت أسعار النفط المنخفضة حوافز حالية إلى الاقتصادات العربية الناشئة غير النفطية في شمال أفريقيا والشام، في حين تكافح الأردن ولبنان وتونس من الأوضاع المالية المتدهورة لحكوماتها جراء الضغوط السياسية المحلية والإقليمية.
ومع ذلك، أسهمت أزمة النفط الحالي في تعيير المشهد المالي تغييرات جذريا في البلدان الخليجية الغنية بالنفط، وربما يكون ذلك لسنوات قادمة، ما يعرض الطفرة الاقتصادية التي حققتها تلك البلدان على مدار سنوات للخطر.
وقالت وكالة موديز إن أسعار النفط سوف تصل إلى 55 دولار للبرميل في المتوسط هذا العام، مرتفعة إلى 65 دولار للبرميل في العام المقبل وذلك قبل أن ترتفع بصورة أكبر ولكن ببطء إلى 77 دولار للبرميل بحلول العام 2019.
وحذرت موديز من أن كل من المملكة العربية السعودية والبحرين وعمان ستواجه عجزا في الحساب الجاري هذا العام.
وتتوقف قدرة الدول المنتجة للنفط على التكيف مع أسعار الخام المنخفضة على المدى البعيد على ما إذا كانت اقتصادياتها قادرة على التنوع بعيدا عن النفط وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وفي المقابل، استفادت الدول المستوردة للنفط من التراجع في أسعار الطاقة، ما يمكنها من تقليص الأعباء المالية المتعلقة بخطط دعم الطاقة. ومع ذلك، واجهت كل من مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس خفضا في تصنيفاتها الائتمانية برغم التوقعات التي تذهب إلى أن أسعار النفط المنخفضة تعد عاملا إيجابيا لاقتصاديات تلك الدول.