نبأ – تحدثت مجلة فورين أفيرز الأميركية المتخصصة بالسياسة الخارجية عن الخطأ الذي ترتكبه الولايات المتحدة بمضيها بمخطط تطبيع العلاقات بين الكيان الإسرائيلي والسعودية.
وقالت إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيغادر البيت الأبيض دون تحقيق هدف إعلان التطبيع بين تل أبيب والرياض، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق بعيد المنال ينطوي على خطر أن يتم انتقاؤه مرة أخرى من قبل الرئيس الأميركي الذي سيخلف بايدن.
وأوضحت أن الرئيس السابق دونالد ترامب، والمرشح لأن يخلف بايدن، كان عرّاب اتفاقات أبراهام التي وقعتها تل أبيب مع عدد من العواصم العربية، وكان يدفع باتجاه انضمام السعودية لهذه الاتفاقات. أما كاميلا هاريس نائبة الرئيس الحالي، فقد تضطر إلى إحياء الصفقة أو بعض إدخال بعض التعديلات عليها من أجل استمراريتها أو للتوصل إلى صفقة كبرى في هذه المنطقة المضطربة.
وبحسب فورين أفيرز، فإن الاستمرار في هذا الاتفاق الإقليمي سيكون خطأ فادحا، لن ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة، أو يحل “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، ولن يعيق تغلغل الصين في الشرق الأوسط، كما أنه لن يساهم في مواجهة إيران وحلفائها. بل إن الاتفاق سيلزم واشنطن بالدفاع عن دولة عربية قمعية للغاية لها تاريخ من السلوك المزعزع للاستقرار، وسيكون الإنجاز الرئيسي للاتفاقية هو زيادة توريط الولايات المتحدة في المنطقة.
وقالت المجلة الأميركية: “إن السعي المنفرد وراء هذه الصفقة السيئة قد أعمى صناع السياسة الأميركيين عن دوافع أخرى أكثر أهمية للصراع في المنطقة، وقد تسبب في تأخير الولايات المتحدة لجهود تكثيف الضغط على “إسرائيل” لإنهاء حربها في غزة، ولذلك ينبغي على الرئيس الأميركي القادم أن يتخلى عن الاتفاق المقترح وأن يركز في سياسة الشرق الأوسط على القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأكثر أهمية للمنطقة”.
ولفتت إلى أنه وعلى الرغم من أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي لم يتم الانتهاء منه بعد إلا أن الخطوط العريضة له أصبحت واضحة بالفعل. ووفقا لشروط الاتفاق المقترح، ستعترف السعودية رسميا بـ “إسرائيل” مقابل التزام الأخيرة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وستعمل الولايات المتحدة بالدفاع عن السعودية من أي هجوم خارجي، ودعم برنامج الرياض النووي، فيما تتعهد الرياض بتقييد القواعد العسكرية الصينية والتعاون الأمني، بما في ذلك التخلي عن شراء التكنولوجيا والأسلحة الصينية المتقدمة والحد من بعض الاستثمارات الصينية في الاقتصاد السعودي.
وأضافت المجلة: “إن إبرام الصفقة له هدف واضح لكل من القادة الإسرائيليين والسعوديين. فيمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يقدم ذلك كفوز سياسي بعد أن واجه انتقادات داخلية شديدة لفشله في منع هجمات 7 أكتوبر، وإطالة أمد الحرب في غزة. أما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيعتبر أن توقيع الاتفاقية يوفر حماية للمملكة، ويعطيها مزايا اقتصادية كبيرة، عدل عن أن المملكة ستعتبر من بين أقرب حلفاء الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لواشنطن، فقد يبدو أن التطبيع الإسرائيلي – السعودي يوفر وسيلة للمضي قدما في حل الدولتين، وبالتالي إنهاء “الصراع” الذي امتص موارد الولايات المتحدة واهتمامها ووقف نفوذ الصين في الشرق الأوسط. ولكن عند البحث، لن يحقق التطبيع أيا من هذين الهدفين. بادئ ذي بدء، لن يكون الاتفاق هو الطريق إلى “السلام” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا يوجد دليل على أن نتنياهو أو أي حكومة إسرائيلية ستقدم التنازلات اللازمة لإنشاء دولة فلسطينية.
وقالت فورين أفيرز أن من شأن الاتفاق منع أنشطة بكين العسكرية في السعودية، أو بناء قواعد عسكرية في المملكة والحد من حيازة الاخيرة للأسلحة الصينية وتكنولوجيا المراقبة المحلية. لكن هذه تنازلات لا معنى لها تقريبا، فالعلاقات العسكرية ليست المصدر الرئيسي لنفوذ بكين المتنامي في السعودية، أو في الشرق الأوسط.
اليوم، ليس للصين وجود عسكري دائم أو قواعد عسكرية في السعودية، وليست موردا رئيسيا للأسلحة للمملكة، ونادرا ما يقوم البلدان بتدريب قواتهما معا. عدا عن أن محاولة الحد بشكل انتقائي من التكنولوجيا والاستثمارات الصينية داخل السعودية ستكون صعبة، ومن المرجح أن تحافظ بكين على وجود كبير وأحيانا يصعب اكتشافه. حتى في ظل الاتفاق المحتمل، على سبيل المثال، من المحتمل أن تحتفظ الصين باستثماراتها في الموانئ السعودية والتي قد يتم الاستفادة منها في العمليات العسكرية تحت الرادار أو للتزود بالوقود أو إعادة إمداد السفن العسكرية الصينية. الصفقة، إذن، طريقة سيئة لحرمان الصين من موطئ قدم في السعودية.