السعودية/ نبأ- رويترز- بينما كانت السعودية توجه ضربات جوية لليمن طوال الشهر المنصرم عبر حلفاء الرياض الغربيون عن قلق متزايد من ان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يستغل الفوضى الناجمة عن الحرب ويسيطر على مزيد من الأراضي.
ورغم أن الرياض أعلنت انتهاء حملة (عاصفة الحزم) فان الضربات الجوية مازالت مستمرة ضد "انصارالله" الحوثيين، وكذلك القتال في وسط وجنوب اليمن مما أربك الجيش اليمني المفكك وسمح لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالاستفادة من هذا الوضع.
ويدرك السعوديون ان حملة القصف تفيد تنظيم القاعدة لكنهم يرون ذلك أثرا جانبيا مؤقتا لاستراتيجية تهدف في نهاية المطاف إلى سحق جماعة متشددة من خلال عودة حكومة قوية إلى صنعاء، وفق رويترز.
وقال مصطفى العاني وهو محلل أمني على صلة وثيقة بوزارة الداخلية السعودية "كان التقييم هو انه مادامت الفوضى مستمرة في اليمن فان القاعدة ستستفيد من ذلك بشكل يؤثر كثيرا على أمن السعودية. هذا سبب رئيسي لتحركهم في اليمن واقناعهم للولايات المتحدة بالانضمام اليهم."
وفي الاسبوع الماضي تحرك مسلحو قبائل ورجال دين سنة -بعضهم ارتبط في السابق بالقاعدة- للسيطرة على أجزاء كبيرة من محافظة حضرموت بما فيها مطار ومنشأة نفطية بعد انسحاب القوات الحكومية.
وأقام المسلحون نقاط تفتيش في المنطقة وتفاوضوا مع مسلحي تنظيم القاعدة في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت حيث يقول السكان ان التنظيم أصبح أكثر جرأة في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن اقتحم مسلحوه السجن الرئيسي بالمدينة.
وقال العقيد منصور علي قحطاني قائد حرس الحدود السعودي في قطاع شرورة انهم يأخذون في الحسبان وجود القاعدة هناك ويحاولون الحصول على معلومات جديدة. وأضاف قحطاني ان هذا لا يعني نشر مزيد من الجنود على الحدود لكن يجعل السعوديين أكثر يقظة.
وعلى عكس القطاع الغربي من الحدود الأكثر كثافة بالسكان والذي يسيطر "أنصار الله" الحوثي على الجانب اليمني منه يجد حرس الحدود عند شرورة أنفسهم في مواجهة منطقة صحراوية قاحلة تتيح لمسلحي القاعدة التجول بحرية.
ولا يوجد أي نشاط عسكري في هذه المنطقة من الحدود منذ بدء الصراع في 26 مارس اذار ولم تشاهد رويترز أي أثر للجيش خلال رحلة بالسيارة استغرقت 40 دقيقة من شرورة الى نقطة عبور الوديعة.
ولتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجود راسخ قبل بدء الضربات الجوية بوقت طويل لكن جهود الحد من وجوده عرقلها الاقتتال بين وحدات الجيش اليمني والاضطراب السياسي. وقبل عام شن التنظيم غارة عبر الحدود على شرورة قتل فيها أربعة من رجال الامن قبل ان يقتل المسلحون الثمانية في تبادل اطلاق النار.
وتعاني البلدات والقرى في وادي حضرموت الذي يخترق هضبة صحراوية في شرق اليمن من أعمال عنف مستمرة من جانب المتشددين منذ احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 التي قوضت الحكومة في صنعاء.
وفي اليمن لا تخضع هذه الرقعة من الصحراء -التي تمثل امتدادا لصحراء الربع الخالي- لسيطرة الحكومة مما يجعلها مكانا مفتوحا أمام تنظيم القاعدة.
ويقلل قادة حرس الحدود المحليون في السعودية من مخاطر تنظيم القاعدة ويصفون الهجوم الذي نفذه العام الماضي بأنه حادث منفصل ويشيرون الى نظام الدفاع المكثف من الاسوار الشائكة والسواتر الترابية على امتداد القطاع الحدودي القريب.
وقال رجل من سكان المنطقة لرويترز ان سائق المجموعة التي نفذت هجوم القاعدة كان من مواطني شرورة مما يظهر الى أي مدى يمثل التشدد مشكلة داخلية للسعودية تتعلق بأمن الحدود. واستهدفت هجمات محلية في الاونة الاخيرة سعوديين شيعة ورجال شرطة ومقيمين غربيين.
لكن مع وجود اسلاميين متشددين نشأوا في السعودية يستلهمون فكر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أو تنظيم الدولة الاسلامية فإن القضاء على هذه مثل الحركات المتشددة في دول متاخمة للمملكة يمثل هدفا مهما للرياض.
ومازال معبر الوديعة الحدودي -مثل نقاط اخرى في اليمن- مفتوحا امام المسافرين الشرعيين الذين يحملون وثائق. وينحدر سكان شرورة من البدو الذين ينتمون إلى قبائل تتواجد في البلدين ومازالت تتزاوج عبر الحدود.
وقرب الحدود كان العجوز علي بن سعيد الصيعري بلحيته البيضاء يرعى إبله من على شاحنة صغيرة تجوب الرمال وكأنه شاب يافع. واعتاد الصيعري القيام بهذه الرحلة الصعبة التي تستغرق عشرة ايام مصطحبا إبله إلى حضرموت منذ ايام الاستعمار البريطاني.
واليوم .. غالبا ما يعبر الصيعري الحدود مما يظهر مدى قوة العلاقات بين السعوديين واليمنيين ويظهر أيضا كيف تؤثر المشاكل السياسية في بلد بشكل مباشر على الامن في البلد الاخر.
وقال مصطفى العاني "حدود السعودية مع اليمن هي الوحيدة المأهولة كلها بالسكان. لذلك هي حدود بها مشاكل كثيرة ومن المؤكد تمثل بالنسبة للسعودية الفناء الخلفي لأمنها.