السعودية / بلومبرغ – يزداد اعتماد المملكة العربية السعودية على احتياطياتها من العملة الأجنبية بوتيرة قياسية، مع تشديد الاضطرابات الإقليمية للضغوط المالية التي ولدها هبوط أسعار النفط. وأنفقت المملكة 36 مليار دولار من صافي الأصول الأجنبية لبنكها المركزي، وهو ما يعادل نحو 5% من إجمالي الأصول، في فبراير ومارس؛ ويعد هذا أكبر انخفاض خلال فترة شهرين على الإطلاق. ويرجع الانخفاض جزئيًا إلى قرار الملك سلمان إعطاء موظفي الحكومة والمتقاعدين مكافأة شهرين بعد اعتلائه لعرش حكم أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في يناير/ كانون الثاني.
وقد شهدت الأشهر الأولى من حكم سلمان أيضًا ارتفاعًا حادًا في تنافس البلاد مع إيران، وهو الأمر الذي تتوج إلى الهجوم الجوي بقيادة السعودية في اليمن، وتصاعدًا للتهديدات الأمنية في الداخل؛ وقد أدت هذه التحديات بالفعل إلى زيادة في الإنفاق العسكري عام 2014. ودفع تراجع أسعار النفط بنسبة 48% خلال العام الماضي الحكومة إلى استخدام الاحتياطيات والاقتراض من البنوك المحلية؛ للحفاظ على مستويات الإنفاق على الأجور والاستثمارات.
وقالت مونيكا مالك، وهي كبيرة الاقتصاديين في بنك “أبو ظبي” التجاري PSJC، في مقابلة بدبي يوم الخميس: “سيكون هذا عامًا استثنائيًا من حيث الانخفاض في الاحتياطيات”. وأضافت: “حتى لو استقر النفط بين 70 إلى 80 دولارًا للبرميل في العام المقبل، يجب أن يكون هناك بعض الترشيد في أهداف الإنفاق للحد من حدوث مزيد من التدهور في الوضع المالي”.
انتعاش النفط
تقع مهمة تحقيق التوازن بين السياسات الاقتصادية والإقليمية في المملكة العربية السعودية على نحو متزايد بيد جيل جديد من الأمراء، بما في ذلك ابن الملك، الأمير محمد بن سلمان. ويرأس الأمير محمد، الذي عين الشخص الثاني في ترتيب ولاية العرش، يوم الأربعاء، مجلسًا اقتصاديًا تم إنشاؤه حديثًا، ووزارة الدفاع؛ وله دور أساسي في حملة القصف ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم في اليمن.
وقد تعافى “خام برنت” من بعض خسائره، مرتفعًا بنسبة 15% هذا العام؛ ليصل إلى نحو 66 دولارًا للبرميل عند الساعة 1:31 مساءً في لندن. وتشكل صادرات النفط نحو 90% من الإيرادات الحكومية للمملكة.
وتتوقع “مالك” أن عجز الموازنة الحكومية سوف يتوسع إلى 14.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنةً مع فجوة بمقدار 1.9% لعام 2014. وأضافت أن صدقات الملك سوف تعزز الاستهلاك المحلي على الأرجح، وهو ما سيدعم النمو الاقتصادي في المجالات غير النفطية.
وقد راكمت المملكة العربية السعودية عشرات المليارات من الدولارات في الاحتياطيات خلال فترة ارتفاع أسعار النفط. وعمل سلف الملك سلمان، الملك عبدالله، على زيادة الإنفاق الاجتماعي ومشاريع البنية التحتية؛ بعد أن أطاحت ثورات عام 2011 بحكام في أماكن أخرى من المنطقة.
الإنفاق العسكري
كان الإنفاق العسكري قد ازداد بشكل جيد قبل تجميع المملكة للائتلاف الذي يقف وراء حملة اليمن. وقال مايكل ستيفنز، وهو رئيس المعهد الملكي للخدمات المتحدة في قطر، إنه قد تم بالفعل التوقيع على صفقات الشراء الكبرى بقيمة 10: 15 مليار دولار من أجل السنوات الثلاث المقبلة.
وبدوره، قال إبراهيم شرقية فرحات، وهو أستاذ في حل النزاعات بجامعة جورج تاون في قطر، إن لدى المملكة العربية السعودية الرغبة في لعب دور أكبر بالمنطقة؛ وهو ما يعني أن الإنفاق العسكري سوف يستمر على الأرجح. وقال استشاريو شركة IHS، في مارس، إن المملكة أصبحت أكبر مشترٍ لمعدات الدفاع في العام الماضي، متجاوزةً الهند، مع قفز الشحنات الواردة إليها بنسبة 54%.