أخبار عاجلة

نيوم .. حلم محمد بن سلمان يترنّح: مشروع الخيال السعودي يتحول إلى رمز للفشل والغرور

يبدو أن مشروع نيوم الذي روّج له ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بوصفه بوابة المملكة إلى المستقبل، يواجه اليوم أكبر اختبار وجودي منذ إطلاقه. فبحسب تقرير موسّع نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، ونشره موقع “غيزمودو السويسري” تتكشف داخل المشروع العملاق فوضى مالية وإدارية وانهيار في وتيرة العمل، وسط مؤشرات على انكماش الطموحات وتراجع الدعم الدولي.

المشروع الذي أُعلن عنه قبل سنوات باعتباره “مدينة المستقبل، وركيزة رؤية 2030، كان يفترض أن يمتد على مساحة شاسعة من ساحل البحر الأحمر، وأن يضم مدينة “ذا لاين” إلا أن الحلم بدأ يتهاوى بسرعة، مع تبخر التمويل وتقلص خطط البناء إلى بضعة كيلومترات فقط.

وقال التقرير: “كان من بين التصاميم المثيرة للسخرية في المشروع مبنى مقلوب يُعرف بـ”الثريا”، يُفترض أن يُعلَّق في الهواء فوق مارينا المدينة. أحد المعماريين حذّر القائمين على المشروع من استحالة تنفيذ الفكرة قائلا، هل تدركون أن الأرض تدور وأن الأبراج تتأرجح؟، محذرًا من أن المبنى قد يتحطم فوق المدينة.

وأضاف التقرير أن الأموال التي صُرفت تقدر حتى الآن بأكثر من 50 مليار دولار، بينما تبقى الصحراء مليئة بالركائز والخنادق غير المكتملة، مشيرا إلى أن إدارة نيوم تصر على أن المشروع أولوية استراتيجية لكن مصادر داخلية تحدثت عن تراجع حاد في العمل، وأن المشروع محكوم عليه بالفشل، وأن المسألة باتت مسألة وقت قبل أن يتم إعلان وفاته رسميا، موضحا أن المستثمرين الأجانب الذين كانت الرياض تعول عليهم، ابتعدوا عن المشروع، بينما لم تنجح مساهمات النظام السعودي في سد الفجوة التمويلية.

وتابع الموقع السويسري انتقاده للمشروع، قائلا إنه يأتي في وقت تحاول فيه السعودية إعادة تلميع صورتها عالميا عبر خطاب الانفتاح والإصلاح غير أن الواقع يقدم مشهدا مغايرا، قمع سياسي، واعتقالات، وأحكام إعدام، وتكميم للأصوات المعارضة، في ظل نظام يسعى إلى تلميع صورته عبر مشاريع عملاقة فاشلة بدل إصلاح حقيقي.

ويرى مراقبون، بحسب التقرير، أن نيوم لم تعد رمزا للتجديد، بل مرآة لغرور النظام وفشله في التحديث الحقيقي، وأن انهيار المشروع المالي ترافق مع انتهاكات حقوقية جسيمة.

وتطرق التقرير إلى ما وثقته هيومن رايتس ووتش عن وفاة عدد من العمال في ظروف قاسية داخل مواقع البناء، إلى جانب تهجير قسري لقبائل محلية مثل الحويطات التي فقدت أراضيها لصالح المشروع.

وهكذا، تحوّلت نيوم من شعار للتقدم إلى رمز للاستغلال والإقصاء، مدينة تُبنى على العرق والدم، وتعكس بوضوح كيف يمكن للطموح غير المحسوب أن يتحول إلى كابوس سياسي واقتصادي.