السعودية / متابعات – تحدث تقرير نشره موقع مجلة "فورين بوليسي" أول أمس الثلاثاء بعنوان: "كيف تهدد ثورة البناء أقدس مدينة في الإسلام" عما قال إنه "تدمير لمعالم مكة المدينة المقدسة في ظل ثورة البناء الحالية".
التقرير الأمريكي قال إن المواقع التاريخية ذات الصلة بحياة النبي محمد صلي الله عليه وسلم تم هدمها، والبناء عليها في العقود الأخيرة، وأن مرافق مثل فندق هيلتون وبرغر كينغ تقف الآن على أنقاض منزل ابو بكر الصديق أقرب رفيق للرسول والخليفة الأول للمسلمين، ومنزل السيدة خديجة زوجة النبي، وأصبح جزء منها موقعا لقرابة 1400 من المراحيض العامة.
وتحدث التقرير عن إنفاق التكلفة المليارات من الدولارات، في حملة البناء بمكة المكرمة، ولكن مراقبين يشيرون إلى ما يجري بوصفه اعتداءا على الطابع الجمالي والثقافي للمدينة المقدسة وتدمير العشرات من المواقع التاريخية والمزارات في جميع أنحاء المدينة المقدسة، ما يثير سخط نقاد في العالم الإسلامي.
وضرب مثلا بقلعة أجياد، المترامية الأطراف، والتي بنيت في العهد العثماني، والتي كانت حصنا لأكثر من 200 عام ضد تهديدات الغزو، والتي تعود للعهد العثماني. وقد تمت إزالتها لإنشاء 11 برجا سكنيا وفندق فئة خمس نجوم وسوق تجاري ومواقف للسيارات يسع 1600 سيارة، وهو الأمر الذي أثار أزمة بين تركيا والسعودية عام 2002 ووصفها وزير الثقافة التركي بـ "المذبحة الثقافية".
كما تم هدم أعمدة داخل مجمع المسجد الحرام يعود تاريخها إلى العصر العباسي، والكثير من علامات المواقع الهامة التقليدية لأنها تقع في مسار البناء.
ونقل التقرير عن "سامي عنقاوي" مؤسس مركز أبحاث الحج، قوله لصحيفة الجارديان في عام 2012: "إن هذه المباني الحديثة تحول الحرم المقدس إلى آلة، وتجعل المدينة بلا هوية، لا تراث، ولا ثقافة، وبدون البيئة الطبيعية لها".
وقال أن فندق وبرج مكة الذي يقع علي ارتفاع 1972 قدمًا ويعتبر من بين أطول المباني في العالم، هو جزء من تطور ناطحات السحاب العملاقة التي تضم مراكز التسوق الفاخرة والفنادق والمطاعم التي تخدم فاحشي الثراء، بعدما تم دك الجبال القديمة حول المدينة، وأصبحت تحيط بها اليوم بشراسة الهياكل الصلبة والخرسانات المستطيلة، وهو ما يشبه مزيجًا معماريًا من ديزني لاند ولاس فيغاس.
200 رافعة تحاصر المسجد الحرام
وتشير "فورين بوليسي" للحادث الذي وقع في 11 سبتمبر/أيلول الجاري بسقوط رافعة عملاقة على الحجاج، ومقتل 107 شخصا على الاقل في الحادث وإصابة أكثر من 200 آخرين، باعتباره نموذجا على ما قالت إنه جزء من "حملة عدوانية أو هوجاء من البناء والتطوير في المدينة المقدسة".
وقالت إن ما يقرب من 100 رافعة ما زالوا يحاصرون المسجد الحرام كجزء من مشروع التوسعة، وأنهم يقفون كشاهد على الكارثة الأخيرة، ونقلت عن "عرفان العلاوي"، المدير التنفيذي لمؤسسة أبحاث التراث الإسلامي، وكان من أشد المنتقدين لخطط البناء في المملكة العربية السعودية قوله: "ما الذي يمنع أن يحدث ما جري مرة أخرى"، وقال "علاوي"، واصفا تدمير المعالم التقليدية والمواقع التاريخية "إنه يجري بتكلفة مدروسة".
وتقول "فورين بوليسي" أن مشروع توسعة المسجد، استهدف استيعاب 1.6 مليون أخرين من المصلين في المسجد الحرام، وهو مثال علي البناء الفخم للأبراج حول البيت الحرام، حيث تم تشييد مجمع فندقي ضخم يضم مراكز تسوق ومهبط للطائرات ووحدات سكنية فاخرة، وأكبر ساعة في العالم.