السعودية/ نبأ- قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في تقرير للكاتبة نور أيوب، أن الإعدامات الأخيرة في السعودية شقّت صفوف «الجهاديين»، من جهة، وأحدثت صدعاً بينهم وبين «مشايخ البلاط» في السعودية، من جهة أخرى. صَدعٌ دقيقٌ جدّاً، ولكنّه مبنيٌّ على الإشادة على إعدام الشيخ نمر النمر، وعلى «غيرة الدين» عند آل سعود، وحمايتهم لـ«أهل السنّة والجماعة»، و«بلاد الحرمين»، من الهجمة «الصفوية»، وما يتبعها من منظومات لفظيّة رنّانة، لا يمكن الهروب منها، لإحاطتها بمختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
وأضافت الصحيفة، أن مفتي آل سعود، ورئيس هيئة «كبار العلماء»، عبد العزيز آل الشيخ، أكّد أن «تنفيذ الأحكام الشرعية في 47 من الجناة الإرهابيين، هي رحمة للعباد ومصلحة لهم، وكفٌّ للشر عنهم، ومنعٌ للفوضى في صفوفهم»، مشيراً إلى أنها «استندت إلى كتاب الله وسنّة رسوله». لا مشكلة بين الطرفين، الموقف ذاته، وأحياناً تبادل أدوار، بين «الجهاديين» وآل سعود. الطرفان يؤديان ذات المهمة، إقصاء المعادي للتكفير، ولكن بحسب الساحة، وخصوصيتها، التي باتت، اليوم، مفتوحة دون حدود، من أفغانستان، إلى العراق وسوريا، وصولاً إلى اليمن.
النمر ومن معه، كانوا جزءاً ممن أُعدموا، فالبقيّة هم من أبناء أسامة بن لادن، «قاعديّون». البناء المشترك، ذو الأساسات المتينة، بين آل سعود و«الجهاديين»، تشققت بعض جدرانه. ليس الأمر جللاً. لم يتجاوز إطار العتب الكلامي بين الطرفين الساحة الافتراضية. في السر الطرفان متفقان لأبعد الحدود، أما في العلن فالهجوم «اللفظي»، واجبٌ لـ«درء الشبهة»، وذلك لمصلحة «الجهاد»، الذي هو واقع في سبيل «ولي الأمر»، السعودي.
أبرز وجوه التنظير الجهادي، أستاذ أبو مصعب الزرقاوي، الأردني أبو محمد المقدسي، اعتبر أن فتاوى مشايخ البلاط، هي «داعشية، فهم من ينتج الغلو ويصنع التطرف». عتب المقدسي، ومن تبعه، كان لإعدام «القاعديين»، وأبرزهم القيادي السعودي فارس آل شويل، المنظر الأول لأفكار التنظيم في بلاد الحجاز، حيث كتب بحثاً بعنوان «الباحث عن حكم قتل أفراد المباحث»، مجيزاً قتل أفراد المباحث السعودية، وغيرها.
آل شويل، المعتقل في سجون آل سعود منذ عام 2004، والذي أعدم صباح السبت الماضي، أعاد بمقتله «تكفير» منظري الجهاد، لحكّام آل سعود. «التكفير اللفظي»، جاء على لسان العديد منهم، كأبو قتادة الفلسطيني، والمصريّين هاني السباعي، وطارق عبد الحليم، و«القاعديّين» علي بن حمد العرجاني (أبو حسن الكويتي، قيادي سابق في «جبهة النصرة»)، والعراقي أبو مارية القحطاني (قيادي سابق أيضاً). تغريدات هؤلاء انتشرت على موقع «تويتر»، تحت هاشتاغ (#إعدامات_الداخلية). أما السعودي، عبد المحيسني، القاضي العام لـ«جيش الفتح»، في سوريا، فقد أثنى على «إهلاك اللعين نمر النمر رأس الكفر الرافضي»، لكنّه سأل المؤسسة الدينية التي ينتمي إليها والده محمد، كيف «تمت الإعدامات بفتوى شرعية؟ ولِم لَم يحاكموهم علناً ليشهد الناس على استحقاقهم القتل؟».
أنصار قطبي «الجهاد»، من «القاعدة» و«داعش»، اختلفوا على تبعية آل شويل، بين مبايعٍ لزعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، أو «خليفة داعش»، أبو بكر البغدادي. وشهدت حسابات الطرفين، أخذاً وردّاً، حول ذلك. وأوصى أحد «القاعديين»، أن «إعملو بوصية… آل شويل، فحتى الممات كان مبايعاً للظواهري وليس للبغدادي كما يروجه أنصار الدولة الإسلامية».
آل سعود و«الجهاديون»، بأقطابهم، يتعايشون بألفة وود، القواسم كثيرة، وساحات الجهاد عديدة أيضاً. فحكام نجد يحبّذون توجيه بوصلة «الجهاد» نحو أي قبلة في العالم، إلا أن حدوده تنتهي عند الجوف شمالاً ونجران جنوباً، وما بين المشرق والمغرب، يد «ولي الأمر» هي «الطولى». في غير ديار آل سعود «الجهاد» حلالٌ وواجب، وفيه محرّم. أما الصدح بالحق، كما النمر، فحتميته الذبح. فدين النمر الرافض للظلم، غير دين آل سعود، الحاكم باسم الله، ظلماً.