البحرين/ نبأ- «قناة «العربية» (يرأس محمد العرب مكتبها في البحرين) استخدمت لغة تنطوي على إهانة منتقدي النظام والتشهير بهم أثناء الإشارة إليهم». (تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق في البحرين محمود شريف بسيوني، فصل 1635، صفحة 507).
قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في تقرير للكاتبة مريم عبدالله، أنها وقبل البدء بتفصيل فيلم «البحرين… صندوق فبراير» الذي عرضته قناة العربية مساء السبت 27 شباط 2016، أوردت كلمة رئيس لجنة التقصي التي عينها الملك حمد آل خليفة بعد فترة السلامة الوطنية واحتلال البحرين من قبل الجار السعودي. المادة الوثائقية التي اعتمدت عليها «العربية» بحسب مصادر للمعارضة البحرينية، أُخرجت من صناديق المخابرات البحرينية ووزارة الداخلية التي تملك وحدها هذه الاعترافات، وكل ذلك تم من خلال منتجة مقاطع منتقاة للمعتقلين الأربعة الواردة أسماؤهم وشهاداتهم في وثائقي محمد العرب.
الفيلم الذي صوِّر داخل أروقة المخابرات البحرينية، بدأ بمقدمة للمراسل العرب تفاخر فيها بحصوله على معلومات خاصة وسرية. التفاصيل الموثقة التي تعرض للمرة الأولى بحسب العرب، أدانت القناة المتورطة في تنفيذه مع أجهزة الأمن البحريني، ولم تنجح في إيصال الرسالة المقصود بها، أي تجريم من اعتبرتهم لجنة بسيوني «سجناء رأي» بالتخابر مع «حزب الله» وإيران.
قصد العرب من الوثائقي ملاحقة تفاصيل الخلية المتهمة بمحاولة تغيير النظام من ملكي إلى جمهوري في البحرين، والأطراف التي ساعدتها في محاولة تغيير نظام آل خليفة.
يظهر الشريط الملك البحريني حمد آل خليفة باللباس العسكري يلقي خطاباً في جنود سعوديين وبحرينيين، بعد دخول «درع الجزيرة» إلى البحرين لقمع ثورها في 14 آذار (مارس) 2011. قال الملك إنّ ذلك «امتحان من رب العالمين». لم يكن في خاطره أن شعبه المقموع والمسحوق قد علق شاشات مصر وتونس في الساحات العامة وطالب بتغيير النظام الذي أصر على اتهامه بمحاولة الانقلاب عليه بمؤامرة خارجية عمرها 30 عاماً، وفق الوثائقي السعودي.
حاولت «العربية» على لسان وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد ال خليفة تأكيد وجود تدخلات إيرانية في الأحداث رغم أنّ تقرير بسيوني نفى ذلك. تدخلات ولو من خلال ما سماها الوزير بـ «هجمة إعلامية»، حرضت المواطنين على الخروج إلى الشارع.
وزيادة في تأكيد تدخل «حزب الله» في الشأن البحريني، عرض الوثائقي مقطعاً للسيد حسن نصر الله وهو يوجّه كلامه لقيادات المعارضة في البحرين، قال فيها: «لديكم قيادة حكيمة وشجاعة في الوقت نفسه، فاسمعوا لها وانسجموا معها، واثبتوا في الدفاع عن حقوقكم». رافقت الكلمة صور لرجال دين بحرينيين ونشطاء يغرقون سيارات الشرطة بالمولوتوف، كأنّ ذلك هو دليل على ارتهان الشارع البحريني المضطهد للخارج!
أما في ما يخص ما عرضته «العربية» من اعترافات السجناء، فقد أظهرت فقط كيف قاموا بمراجعة خطاباتهم التي دعوا فيها في أول أيام «ثورة فبراير»، إلى إسقاط النظام أو إقامة الجمهورية. تم التلميح في الوثائقي إلى أن القصد من «الجمهورية» هو التبعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. طبعاً، لم يطرح الفيلم واقع أنّ شهادات المعتقلين تنتفي بمجرد العلم بتعرضهم للتعذيب وفق لجنة بسيوني، اضافة إلى أنّه لم يقدم دليلاً قاطعاً على كونهم إرهابيين، أو حرضوا على الإنقلاب باستخدام السلاح، بالرغم من استدعاء العرب مقطعاً مجتزءاً من إحدى خطب الشيخ محمد حبيب المقدادوالتي كرر فيها كلمة «سلاحنا» للدلالة على تورط المعارضة في السلاح، في حين يظهر البحث أنّ العرب قد اقتطع العبارة من إحدى خطب المقداد في 2009 التي كان يقول فيها إن «سلاح البحرينيين هو الثقة بالله والاعتماد عليه والتكاتف والوحدة الوطنية».
محاولة الفيلم السعودي إثبات تدخل إيران أو «حزب الله» اللبناني، في الثورة البحرينية، فشل فشلاً ذريعاً، بخاصة عند عرض مشاهد ووثائق التحقيق مع رئيس حركة «حق» البحرينية حسن مشيمع، التي اتُهم فيها بالتواصل مع «حزب الله» بعد قرار عودته من المنفى البريطاني بعد شباط (فبراير) 2011. فقط أُوصى نصر الله، مشيمع بالتنسيق مع جمعية «الوفاق» المعارضة، وهو ما يجب أن يسجل لـ «حزب الله» وقوفه إلى جانب وحدة الصف البحريني والتنسيق بين قياداته للخروج من الأزمة بشكل سلمي.
وفي محاولة لاظهار الحيادية والتوثيق الجيد، أجرى العرب اتصالاً هاتفياً بنائب «حزب الله» حسن فضل الله. وأمام الكاميرا، طلب منه مداخلة بعدما أخبره العرب أنّه أي فضل الله قد ذُكر مراراً مع «الخلية الانقلابية» أثناء التحقيقات. استغراب النائب اللبناني ورفض الإجابة على ما اعتبره موضوعاً لم يطرح من قبل. أمر استنكره العرب بالقول إنّ الكلام موثق في اعترافات المتهمين التي حصل عليها من جهاز المخابرات البحرينية، علماً أنّ الأخير متهم بتعذيب المعتقلين للحصول على اعترافاتهم.
ينتهي التقرير السعودي بأنّه كل ما ورد ذكره في ملفات سجناء الرأي، يلقي بالمعارضة البحرينية في أحضان «حزب الله» وإيران. توظيف ركيك، ومحاولة غير ناجحة في الحرب الجديدة لشيطنة الحزب اللبناني سعوديا، جاءت هذه المرة على يد محمد العرب الذي تتهمه المعارضة البحرينية بقبوله وظيفة في قسم الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية. وتظهر مقاطع مسجلة الطريقة التي يستخدمها لإعداد تقاريره لقناة «العربية» السعودية، بخاصة مرافقته قوات مكافحة الشغب، داخل القرى البحرينية المشتعلة. إذ تجلى التعاون بين العرب والأمن البحريني، من خلال قيام قوات الشرطة بإفراغ المشهد الخلفي من تواجدهم، لإظهار العرب أثناء عملية البث، كما لو أنه استطاع دخول القرى المعارضة بقرار شخصي وشجاع منه، إضافة إلى استجواب المعتقلين وهم في قبضة رجال الأمن البحريني، والتمثيل على النشطاء بمرافقة وكالات اخبار أجنبية مزيفة، حتى إن تّم بث صورهم على الهواء سارعت السلطات إلى اعتقالهم، وسارع العرب ايضاً إلى وضع الصحافيين المعارضين ضمن قوائم «الخونة» بسبب معارضتهم للنظام البحريني القمعي. كل ذلك فتح له أبواب تحصيل الأموال والمناصب، والجنسية البحرينية لقاء خدماته للنظام الخليفي، ليكرس بذلك حصوله من النشطاء البحرينيين على لقب «المرتزق الإعلامي» وهذه المرة عبر أشهر قناة سعودية.