السعودية/ نبأ- شبه موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في مقال للباحث ستيفن كوك، حمل عنوان "جمال مبارك السعودية"، الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي بنجل الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأضاف: “زيارة سلمان لواشنطن الأسبوع الماضي تثير كافة الأسئلة التقليدية حول ما يجري في هذه الدولة، وهي هي مستقرة؟ وهل ولي العهد محمد بن نايف في وضع صحي جيد؟ وإذا ما كان نجل الملك بات يحجب بالفعل دور بن نايف؟"
واستطرد: “لا أحد يعرف على وجه اليقين، لكن المراقبين السعوديين وغيرهم يحاولون التخمين على أي حال".
ورأى الباحث أن دراسة الشأن السعودي أكثر تعقيدا من الشأن السوفيتي.
فخلال الحرب الباردة، سعى المحللون إلى التكهن بما يحدث خلف أسوار الكرملين استنادا على صور وفيديوهات لهؤلاء الذين كانوا يقفون بالقرب من القائد السوفيتي خلال المناسبات العامة، وتحديد أي المسؤولين الذي يلوحون للجمهور، ومن ترتسم على وجوههم الابتسامة.
لكن التوقعات السعودية تعتمد على ما يهمس به حاشية أمير أو مسؤول للمحاورين الغربيين في أسلوب لا يحالفه الدقة غالبا.
ونوه إلى أن محمد بن سلمان، 30 عاما، جمع الكثير من السلطة في هذا العمر الحساس، في فترة وجيزة من الزمن.
ولي ولي العهد يشغل أيضا حقيبة وزير الدفاع والطيران، والأمين العام للبلاط الملكي، ووزير الدولة، والمستشار الخاص للملك، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية.
وأردف كوك: “ استنادا على عدد المناصب والألقاب التي يستحوذ عليها محمد بن سلمان فإنه يبدو قطعا وكأنه رهان جيد ليخلف والده، وليس خليفة لولي العهد الحالي".
وواصل : “يذكرني ذلك بوريث محتمل شرق أوسطي آخر، وأعني جمال مبارك، النجل الأصغر للرئيس الأسبق حسني مبارك".
وتابع: “محمد بن سلمان وجمال مبارك لديهما خلفيات ونشأة شديدة التباين، كما أثبت حسني مبارك في النهاية إخفاقا في تصعيد جمال، الذي كان أقوى رجل في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك، إلى السلطة، لكن الملك سلمان يبدو أنه يمتلك الموارد الضرورية لتوريث ابنه الحكم".
واستدرك: “بالرغم من ذلك، ثمة أوجه تشابه كافية لجعل تلك المقايسة مثيرة للاهتمام، ولا أتحدث هنا عن الحقائق المسلية والسطحية عن الظروف المحيطة بالرجلين".
وأخذ يعدد نقاط التشابه السطحية قائلا: “كلاهما نجلان مفضلان ينبع نفوذهما السياسي من تلك الحقيقة (في حالة جمال مبارك أتحدث عن الماضي)، كما يمتلك كل منهما اسم مستعار، MbS بالنسبة لنجل سلمان، وجيمي بالنسبة لنجل مبارك".
وعلاوة على ذلك، فإن كليهما لا يمتلكان الكثير من الخبرة السياسية قبل أن يصبحا أحد أهم اللاعبين السياسيين في بلديهما.
وانتقل كوك إلى ما وصفه بمستوى تحليلي أكثر أهمية قائلا: “على غرار جمال، تم تكليف محمد بن سلمان بإحداث التحول في بلده.. لكنه يشبهه أيضا في أن تصوره للسعودية قد يتسبب في زعزعة شديدة لاستقرار المملكة، مثلما فعل نجل مبارك في مصر".
أحد أسباب سفر بن سلمان إلى واشنطن، وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة تتمثل في محاولته ترويج شيء ما للمسؤولين يحمل اسم "رؤية 2030”، بحسب الكاتب.
الأهداف الواسعة للمشروع المذكور مفادها تحديث وترشيد وتنويع الاقتصاد السعودي.
وبشكل أكثر تخصصا، يضع المشروع تصورا لتحويل السعودية إلى قوة استثمارية ومركز تجاري، وتحسين أداء البيروقراطية؟ وتقليل الدعوم، وإغراء السعوديين بالصرف داخل بلادهم أكثر مما ينفقونه بالبلدان المجاورة وأوروبا والولايات المتحدة.
جزء من الخطة يعتمد على خصخصة بعض أجزاء من شركة أرامكو وغيرها.
ومن أجل إعطاء دفعة لمشروع رؤية 2030، أجرى الملك سلمان تغييرات كبيرة في مجلس الوزراء، أبرزها إعفاء وزير البترول طويل الأجل علي النعيمي من منصبه، وتعيين خالد الفالح في حقيبة جديدة تحمل اسم وزارة الطاقة والصناعة والمصادر الطبيعية. التي لا تقتصر مسؤوليتها على النفط فحسب ولكن يمتد نطاق إشرافها إلى الذهب والفوسفات واليورانيوم وغيرها من المصادر.
وعلاوة على ذلك، أمر الملك بتغييرات في قيادات وزارة التجارة، ومؤسسة النقد.
وأردف المقال: “كل من المحليين السعوديين والغربيين يعلمون أن هذه التغييرات بناء على طلب من ولي ولي العهد".
خطة محمد بن سلمان، والكلام لستيفن كوك، تتشابه في أهدافها، وإن لم يكن في جوهرها، مع خطة كان قد وضعها جمال مبارك تحت مسمى "الفكر الجديد والأولويات".
ورأى كوك أن محمد بن سلمان لديه هدف أوسع نطاقا من مجرد جعل المملكة مركزا عالميا للاستثمار والتجارة.
وعلى غرار جمال مبارك عام 2004، يستهدف محمد بن سلمان إعادة هيكلة الأسلوب الذي تنجز فيه الأمور في الرياض.
وبالرغم من أن أحدا لا ينظر إلى عملية اتخاذ القرار في السعودية كنموذج كفؤ، لكنها نجحت في الحفاظ على الاستقرار الذي طالما يعتز به مسؤولو المملكة وشركاؤها الدوليون.
ونبه كوك إلى أن محاولة محمد بن سلمان تغيير عملية اتخاذ القرار يمثل خطرا في بلد يضع فيه عناصر الأسرة الملكية والمسؤولون تأكيدا على ضرورة توافق الآراء.
ورغم أن محمد بن سلمان يحظى بدعم والده، لكن ذلك يمثل سباقا مع الزمن، فلا أحد يعرف إلى متى سيعيش العاهل السعودي، في ظل وجود تقارير متباينة عن حالته الصحية.
وواصل المقال: “يبدو أن محمد بن سلمان ينبغي عليه التعجل في الأمر واستغلال الفرصة لإجبار حدوث التغييرات المطلوبة، وتأسيس مؤسساته الخاصة الداعمة له، قبل أن يموت والده قاعدة القوة الرئيسية بالنسبة له".
واعتبر الباحث أن التسليم بأن محمد بن سلمان فاز باللعبة أمر غريب.
على غرار جمال مبارك، الذي بدا وقتها الوريث المحتمل وأحد أقوى الأشخاص في مصر خلال العقد الأخير من حكم والده، يبدو محمد بن سلمان في وضع جيد لتجاوز ابن عمه ولي العهد في منصب الملك المقبل، رغم عدم استقرار المحللين والصحفيين والمسؤولين الحكوميين على هذا السيناريو.
لكن لم يتمكن جمال مبارك أو عمر سلمان الذي كان المرشح الآخر للصعود للسلطة من تقلد كرسي حسني مبارك بعد الإطاحة بالأخير عام 2011، ولم يتخيل أحد أن يكون إخواني هو خليفته.
ووصف المقال جمال بمبارك بأنه الشخص الذي أحدثت اقتراحاته وأهدافه للوطن اختلالا مخربا تسبب في زعزعة المجتمع المصري والمكونات الأساسية للنظام.
واستدرك: “لكن بخلاف ضباط الجيش المصري، فإن الأسرة الملكية السعودية وصفوة البيزنس الخاسرين من مشروع "رؤية 2030” لا يملكون السلاح، وبالتالي لا يستطيعون إقصاء سلمان ونجله من السلطة".
لكن قدرة هؤلاء، بحسب ستيفن كوك، تتمثل في محاولة تقويض جوانب من الخطة وتقليل دور محمد بن سلمان في تلك العملية".
وأضاف: “بدلا من التفكير في المملكة كمستقرة أو غير مستقرة، ربما يحين الوقت للتفكير في عدم استقرارها النسبي".
ولفت إلى فشل خطط إصلاح وتحول سابقة وضعها الملك الراحل عبد الله.
ورغم التصورات الكبيرة التي يتسم بها مشروع "رؤية 2030” لكن مخرب بما فيه الكفاية بحسب ستيفن كوك.
واختتم قائلا: “من المهم أن ندرس عواقب فشل رؤية 2030 التي لا تقتصر فحسب على محمد بن سلمان، ولكن على السعودية والشرق الأوسط برمته".