السعودية/ نبأ/ وكالات – أشار موقع “ميدل إيست آي” البريطانية إلى أن السعودية تواجه مشكلة حقيقية في توفير المياه الصالحة للشرب، وكذلك المياه اللازمة للإستخدام الزراعي، تفوق أزمة انخفاض النفط التي أثّرت على عائدات السعودية المالية.
وأكد الموقع أن “هذه الأزمة قد تتفاقم بشكل حاد خلال السنوات المقبلة بسبب سوء إدارة المصادر المائية من قبل الجهات المعنية في هذا البلد”. ويعتقد الكثير من خبراء وعلماء البيئة بأن مصادر المياه في السعودية معرضة للجفاف التام، وقد تتصدر أزمة المياه باقي الأزمات في هذا البلد خلال السنوات العشرين المقبلة، وفقاً لـ”ميدل إيست أي”.
ويذكر الموقع إن “السياسة التي تنتهجها السلطات السعودية لمواجهة هذه الأزمة غير مجدية على الإطلاق على الرغم من حذف الدعم الحكومي للحد من الإستهلاك الزائد للمياه، فيما ينتقد الكثير من السعوديين هذا الإجراء، خصوصاً في المدن الرئيسة كالعاصمة الرياض وجدة”.
وبحسب الموقع، ساهمت هذه السياسة في رفع أجور صرف المياه الصالحة للشرب في السعودية وزيادة الضغط على المواطنين الذين إعتادوا على الإستهلاك غير المبرمج والأجور المنخفضة في هذا المضمار خلال الأعوام الماضية.
ومن المرجح أن يؤدي إرتفاع سعر صرف المياه في السعودية إلى نتائج وخيمة على اقتصاد البلاد لاسيّما في المجال الزراعي. أما الأسباب التي أدت إلى شحّة المياه في السعودية البالغ عدد نفوسها حوالي 31 مليون نسمة فيمكن تلخيصها بما يلي:
– عدم توفر الأنهار والبحيرات الطبيعية، وقلّة الأمطار وإرتفاع درجات الحرارة التي تصل في فصل الصّيف إلى 50 درجة أو أكثر. وبسبب موقعها الجغرافي تضم السعودية مناطق صحراوية واسعة، ما يؤدي الى تعرض الكثير من مصادرها المائية للتبخّر السريع نتيجة هذه العوامل.
– الإستهلاك غير المبرمج للمياه والزائد عن الحدّ المعقول. حيث تحتل السعودية المرتبة الثالثة عالمياً من حيث إستهلاك الفرد بالرغم من شح الموارد المائية..
– سوء الإدارة من قبل الجهات المعنية بإستخراج وإيصال المياه إلى المستخدمين سواء مياه الشرب أو المياه المستخدمة في الري والزراعة والتربية الحيوانية والمجالات الأخرى.
– الطرق البدائية في سقي المحاصيل والغلات الغذائية والتي تؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه. ومن أجل معالجة هذا النقص سمحت السلطات السعودية لبعض المستثمرين السعوديين بتوظيف إمكاناتهم المادية في مشاريع زراعية في دول أخرى بينها أثيوبيا والسودان.
– تضطر السعودية لتحلية مياه البحر لغرض توفير مياه صالحة للشرب وتأمين الإستخدام البشري في باقي المجالات. وهذا الأمر يكلف نفقات باهظة بسبب نسبة الملوحة العالية في هذه المياه.
– تتطلب شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب في السعودية نفقات هائلة بسبب المسافات البعيدة بين محطات التحلية القريبة من البحر ومعظم مدن البلاد، خصوصاً ذات الكثافة السكانية العالية كالرياض. ويتوقع أن تصل هذه النفقات إلى 29 مليار دولار خلال السنوات الخمسة عشر القادمة.
– التوسع في الأنشطة الصناعية يشكل خطراً على المياه وعلى الأمن المائي لاسيّما عندما تكون هذه الصناعات صناعات تحويلية مثل الصناعات الثقيلة التي تحتاج إلى تبريد، وهي عملية تتطلب كميات ضخمة من المياه.
– تستهلك السعودية قرابة 1.5 مليون برميل من النفط يومياً، وتضطر لتشغيل أكثر من ثلاثين محطة رئيسية لتحلية المياه في عموم البلاد، وقد تسبب هذا الإستهلاك الكبير للطاقة بإرتفاع درجات الحرارة وتلوث الهواء والبيئة والذي أثّر بدوره على ملوحة المياه سواء المخصصة للشرب وباقي الإستخدامات البشرية أو المخصصة للري والزراعة والمجالات الحياتية الأخرى.
من خلال هذه المعطيات يتبين بوضوح أن السعودية مقبلة على أزمة مياه حادّة قد تفوق بمرّات أزمة إنخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية التي تسببت بتراجع العائدات السعودية في هذا المجال، ووصول العجز في ميزانيتها إلى نحو 100 مليار دولار خلال العام الجاري فقط.