يرى خبراء أن تجديد قانون حول العقوبات الأميركية على طهران والتهديدات الإيرانية ببناء سفن تعمل بالدفع النووي، تثير أزمة جديدة بين واشنطن وطهران تنعكس سلباً على الاتفاق النووي، الذي انتقده الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
نبأ ـ أ ف ب
مطلع كانون الأول/ديسمبر 2016م، جدد الكونغرس الاميركي لمدة 10 سنوات “قانون العقوبات على ايران” الذي تنتهي مدته نهاية العام. وأجاز الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما الذي ساهم بشكل كبير في إبرام الاتفاق النووي التاريخي مع إيران في عام 2015م، هذا التمديد لكنه امتنع عن توقيع القانون.
ودان المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي والرئيس حسن روحاني “الانتهاك الواضح” للاتفاق النووي المبرم مع مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا)، الذي يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني لقاء رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية الدولية.
وبعد تطبيق الاتفاق في كانون الثاني/يناير 2016م، علقت واشنطن العقوبات الرئيسية المنصوص عليها في “قانون العقوبات على إيران” منها تلك المرتبطة بالاستثمارات في قطاعي النفط والغاز في إيران.
إلا أن عقوبات أخرى منفصلة عن “قانون العقوبات على ايران” المرتبطة بالإرهاب وبحقوق الإنسان وبرنامج إيران البالستي لا تزال مطبقة. لكن بالنسبة إلى البيت الأبيض، لا يغير تجديد “قانون العقوبات على إيران شيئاً خصوصاً إذا بقيت العقوبات الرئيسة المنصوص عليها فيه معلقة طالما تحترم إيران تعهدها بالحد من أنشطتها النووية الحساسة.
“مناورات سياسية”
يعتبر المسؤولون الإيرانيون أن المادة 26 في الاتفاق النووي تؤكد أن واشنطن “ستمتنع عن فرض أو إعادة تطبيق عقوبات نص عليها الملحق 2” في الاتفاق بما في ذلك “قانون العقوبات على إيران”.
وقال فؤاد أزادي، الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة طهران، إن “الاتفاق لم يحظ أبداً بتأييد الكونغرس الاميركي الذي يريد الاستفادة من انتهاء ولاية أوباما لإيجاد وسيلة لخرقه من دون أن يلاحظ أحد”. لكن بالنسبة إلى الخبراء الغربيين لا فرق إذا جدد “قانون العقوبات على إيران”.
من جهته، قال دان نيوكومب، المحامي المتخصص في العقوبات في مكتب “شرمان أند سترلنيغ” في نيويورك: “لا يهم القانون طالما أنه لن يكون لذلك آثار ملموسة. اعتقد أنها مناورات سياسية للإيرانيين”، بحسب تعبيره.
ويرى سام كاتلر، الخبير في مكتب “هورايزن كلاينت أكسس” الاستشاري للطاقة في نيويورك، أنه “من غير الممكن” عدم إبلاغ الإيرانيين خلال المفاوضات النووية بأن الكونغرس سيجدد “قانون العقوبات على إيران”.
وأضاف كاتلر أن “الإيرانيين كانوا على علم بان ذلك سيحصل والتنديد الان (بهذا التجديد) على أنه انتهاك مناف للمنطق”، مضيفاً أن “عبارة أساسية أدرجت في الاتفاق أشارت إلى “دور كل من الرئيس والكونغرس” تحديداً لأنه كان من المعلوم أن نواباً سيحاولون التسبب بمشاكل”.
“الضوء البرتقالي”
بموجب اتفاق عام 2015م، على الولايات المتحدة إلغاء كل القوانين التي تنص على عقوبات مرتبطة بالملف النووي حتى عام 2023م. لكن “قانون العقوبات على إيران سيبقى مطبقاً لأن الكونغرس تعمد تجديده لـ10 سنوات بدلاً من خمس عادة، بحسب إزادي، فـ”أياً كان الرئيس في عام 2023م لن يتمكن وضع حد للعقوبات لأن هذا القانون سيبقيها حتى عام 2026م”. ويتساءل بالقول: “إذا علقت هذه العقوبات لماذا هذا الغضب الإيراني؟”.
وقال أزادي إن “المسؤولين الايرانيين يشعرون بالإحباط لأن الاتفاق النووي لم يأت بالنتائج المرجوة”، مردفاً بالقول: “لم تحصل إيران على ما كانت تأمل به”. ويضر إبقاء نظام العقوبات الاميركية علاقات طهران الاقتصادية مع باقي العالم، وترى طهران أن على وزارة الخزانة الأميركية اتخاذ تدابير إضافية لطمأنة المصارف المترددة في التعامل مع إيران بسبب العقوبات.
وقال أزادي: “طلبت بعض المصارف الحصول على ضوء أخضر لكنها حصلت على ضوء برتقالي وهذا لا يكفي”، ناهيك عن وصول دونالد ترامب إلى البيت الابيض في كانون الثاني/يناير الذي أحاط نفسه بمستشارين معادين لإيران ووعد خلال حملته بتفكيك الاتفاق النووي.
إضافة إلى حاجاته العلنية، أمر روحاني علماء بلاده ببدء “إنتاج محركات تعمل بالدفع النووي في النقل البحري”. وهو تهديد تم اختياره بدقة بما أن مثل هذه السفن يمكن أن تستخدم اليورانيوم العالي التخصيب المستخدم أيضا في إنتاج الأسلحة النووية.
وقال شاشانك جوشي من معهد “رويال يونايتد سورفيسز إنستيتيوت” في لندن، إن “إيران مستعدة لتمزيق الاتفاق في حال وصلت الأمور إلى حد بعيد”.