في 17 فبراي/شباط 2011، انطلقت أولى شرارات الحراك الشعبي في السعودية، رفضاً للظلم، ومطالبة بالحقوق الحريات.
تقرير دعاء محمد
من الظلام الذي خيم عقوداً، ومن الأحياء التي إحتضنت أحراراً عانوا سياسات الظلم لسنوات، نبت الحراك الشعبي في المنطقة الشرقية منذ ست سنوات.
في 17 فبراير/شباط 2011، كانت الشرارة الأولى. خرج المئات في بلدة العوامية رافعين شعارات رفض الظلم، ومطالبين بإطلاق سراح السجناء المنسيين.
منذ اليوم الأول، أعلنها النظام السعودي قمعاً، وأرسل عشرات السيارات التابعة لقوات مكافحة الشغب من أجل تفريق المظاهرة. وعلى الرغم من الرد الحاد، مضى الحراك، وتتالت المظاهرات. في 24 فبراير/شباط عاد الشباب الثائر إلى الشارع، وطالبوا بالإفراج عن السجناء المنسيين.
في الثالث من مارس/آذار 2011 وبمشاركة نسائية مميزة، خرجت مظاهرة دعم للشيخ توفيق العامر الذي كانت السلطات قد اعتقلته. شهد مارس/آذار تصاعداً في موجة الحراك، حيث امتد إلى مناطق أخرى منها الأحساء، وطالب بالحقوق المدنية والسياسية كما أكد المشاركون نبذ العنف ورفض الطائفية.
ومع دخول السعودية وقوات “درع الجزيرة” إلى البحرين بهدف قمع الثورة هناك، انتفض الشباب في المنطقة الشرقية، وبدأت سلسلة من المظاهرات التي طالبت بخروج القوات واستنكرت عمليات القتل التي قام بها.
واجه النظام السعودي التحركات الشعبية بالنار ونشر الحواجز والجنود في المنطقة واستخدم السلاح الحي، ما أدى إلى سقوط خمسة شهداء خلال العام الأول للحراك. في عام 2012، ومع استمرار المظاهرات والتحركات الشعبية، عمدت وزارة الداخلية السعودية إلى الإعلان عن قائمة من الأسماء اعتبرت أنهم مطلوبون للعدالة، وبدأت صفحة جديدة في القمع.
حاولت السلطة من خلال المداهمات والاعتقالات عشوائية والحواجز التي طوقت المناطق، ترهيب السكان وإسكات أصواتهم. تزايدت أعداد الشهداء للتجاوز العشر شهداء خلال العام التالي، إلا أن المظاهرات لم تخمد، وأصوات المتظاهرين لم تخفت. تصاعد الحراك دفع النظام إلى محاولة قتل الشيخ نمر باقر النمر رمز الحراك، واعتقلته القوات الأمنية في شهر يوليو/تموز 2012 بعد إطلاق النار عليه.
على الرغم من اعتقال النمر، لم يخف نبض الشارع، وبقي المتظاهرون، يطالبون بالحريات والحقوق وبالإفراج عن المعتقلين، وعلى رأسهم الشيخ الرمز.
دفع هذا الواقع النظام السعودي إلى رفع سقف القمع، وإضافة إلى استخدام السلاح الحي في وجه المتظاهرين، كما عمدت قواته إلى اقتحام المنازل بالأسلحة الثقيلة مما أدى إلى قتل عدد من الشبان حرقاً.
لم تؤد ممارسات النظام إلى تراجع الشباب عن المطالب أو اغفال الحقوق ونسيان المعتقلين، ما مزاد غضب النظام ودفعه إلى إرتكاب الجريمة الكبرى، بقتل رمز الحراك الشيخ نمر النمر والشابين علي الربح ومحمد الشيوخ.
قتل النمر وأكثر من 33 شهيداً خلال السنوات الست لم يطفئ جمر الحراك. مضى النظام في ممارساته من اعتقالات للمواطنين والنشطاء ورجال الدين، وإحكام الطوق على المواطنين، والذي تجلى مؤخراً في عزمه هدم “حي المسوّرة” في العوامية الذي يحتضن شباب الحراك المستهدفين، إلا أن صوت الحق لا زال، يهز عرش الطغاة ويعد بإسقاط الظلم ولو بعد حين.