الأردن/ نبأ – في كل مرة يجتمع فيها الزعماء العرب تفوح أكثر روائح تآمرهم على القضية الفلسطينية، وبينما تستمر اتهاماتهم لإيران بوصفها التهديد الاكبر لاستقرار الشرق الاوسط، يبدو أن نتائج القمة العربية المنعقدة في الاردن ستصب في خانة التمهيد للتطبيع العلني مع إسرائيل.
القدس عاصمة أبدية لفلسطين، شعار لطالما تغنى به الزعماء العرب ووظفو القضية الفلسطينية شمَّاعة للإبقاء على أنظمتهم في وجه شعوبهم، كان هذا قبل التغيرات الاقليمية والدولية الاخيرة، حيث تكشفت حِيَلَ الرؤساء العرب وظهرت سياساتهم اللاهثة خلف التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي على حساب فلسطين وشعبها.
وذكر موقع “المونيتور” الأميركي على الإنترنت، في تقرير، إنه في نية بعض القادة العرب المجتمعين في الأردن، تقديم مزيد من التنازلات على حساب القضية الفلسطينية لتحقيق ما يعتبرونه حلاً للصراع العربي الاسرائيلي، ونقل الموقع عن وزيرة القضاء الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، قولها، إنها تلقت تأكيداً من مسؤولين عرب أنهم “لا يمانعون إدخال تعديلات على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، علاوة على موافقتهم على فكرة تبادل الأراضي”، وذلك مع العلم أن مبادرة السلام العربية التي تم إطلاقها في بيروت في 28 مارس/آذار 2002 لم تتضمن أياً من تلك النقاط.
وأوضح الصحافي والمحلل الاسرائيلي عكيفا إلدار أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الأردني عبدالله الثاني كانا قد أعربا لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قبول العالم العربي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، الأولى عربية والثانية يهودية، فضلاً عن اعتبار القدس المحتلة عاصمة للدولتين.
وأشار عكيفا إلدار إلى أن السيسي وعبدالله وافقا على خطة وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري السداسية، والتي تنص على تأمين حاجات إسرائيل الأمنية، وضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها، وفي المقابل يتم توفير الأمن للفلسطينيين في دولة ذات سيادة ومنزوعة السلاح، مشيراً إلى أن ذلك جاء خلال لقاء العقبة السري الذي جمعهم في مارس/آذار 2016. غير أن نتنياهو واصل ازدراء تلك الخطوات وعرقلة التسوية.
يعتزم الرئيس المصري زيارة نظيره الأميركي دونالد ترامب بعيد انتهاء أعمال القمة العربية، وفي نيته ممارسة المزيد من سياسات الانبطاح التي تعتمدها بعض الانظمة العربية أمام إسرائيل، وهو سيحاول إقناع ساكن البيت الابيض بأن حل الصراع الفلسطيني من شأنه أن يساعد في إنجاح الحرب على الإسلام المتطرف، كما سيسهل اندماج إسرائيل في تحالف عربي مؤيد للغرب.
السيسي يخطف الأنظار
أخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالمفاهيم البروتوكولية، وغادر القاعة الكبرى أثناء إلقاء الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني كلمته.
ولفتت فضائية “إكسترا نيوز” المصرية الخاصة إلى أنه على الرغم من مغادرة الملك سلمان قاعة القمة مع بدء كلمة السيسي، إلا أن السيسي غادر القاعة من أجل لقائة مع الملك سلمان في الخارج، وهذا ما خلق جواً من التوتر والغضب لدى الوفد القطري المرافق لتميم.
يعكس المشهد حالة العلاقات السياسية بين الدول الثلاث. خروج السيسي لعقد قمة ثنائية مع الملك سلمان الذي خرج من دون أن تتسلط عليه الكاميرات، فيها احتجاج واضح على وجود الأمير القطري وعلى كلمته.
تشهد العلاقات القطرية المصرية حالة من التوتر منذ إطاحة الجيش المصري بقيادة السيسي على الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، فيما تعود أسباب تلك الخلافات الى دعم قطر لـ”الأخوان المسلمين” بسبب موقعها الجيوسياسي في مقاربة ملفات المنطقة، بينما يعتبر السيسي هذه الجماعات هي جماعات إرهابيةً. وهنا، وجه السيسي تحذيرات لقطر في كلمته أمام القادة العرب.
على صعيد متصل، أشعلت الضربات المصرية ضد “داعش” في ليبيا الخلافات مجدداً بين القاهرة والدوحة، وبدت قطر تحفظها على ذلك في اجتماع لمندوبي الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.
جاء التحفظ القطري المناوئ لمصر في ليبيا ليشعل من جديد فتيل الأزمة بين الدولتين، فيما أكد حينها مندوب مصر لجامعة الدول العربية طارق عادل أنه وفقاً لقرائتهم في مصر لهذا التحفظ القطري، فإنه بات واضحاً أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب.
كلمة تميم بن حمد آل ثاني كان لتؤكد للقادة العرب، على أسماع السيسي، أن قطر ستواصل دعم الليبيين. إن الإصرار القطري على دعم “الاخوان المسلمين” في المنطقة العربية يلقي بظلاله على المصالحة الخليجية التي أنهت أزمة غير مسبوقة دفعت السعودية والإمارات والبحرين إلى سحب سفرائها من الدوحة في عام 2015 لدعمها جماعة “الإخوان المسلمين”، وهو السبب نفسه الذي تدهورت على إثره العلاقات المصرية القطرية منذ عزل الجيش الرئيس الأسبق محمد مرسي. وهو الأمر نفسه الذي تلتقي عنده القاهرة والرياض، التي مولت ما تصفه قطر بـ”الإنقلاب”.