دخلت العلاقات السعودية التركية نفقاً مظلماً جراء الأزمة القطرية، وبينما فشلت انقرة في مساعي التوسط بين الاشقاء الخليجيين، فإنها بدأت ترصد مؤشرات على انها ستكون الهدف الثاني بعد الدوحة.
تقرير رامي الخليل
ما بدأ على أنه محاولة تركية لجمع اشقاء البيت الخليجي المنقسمين بسبب الأزمة القطرية، سرعان ما تحول إلى توتر تركي-سعودي بات ينذر بالأسوأ، وفيما أشار مراقبون إلى أن أنقرة تتوقع أن تكون الهدف الثاني للحملة السعودية بعد الدوحة، رُصدت تصريحات تركية هددت بربيع عربي في المملكة.
الرفض السعودي بإقامة قاعدة عسكرية تركية لم يكن إلا مؤشراً على أن التنسيق والتقارب الثنائي الذي بدأ مع اندلاع الأزمة السورية، فَقَد دوره ولم يعد قائماً، وقد رأى مراقبون أن رفض الرياض للعرض التركي ما هو إلا رسالةً تحمل نوعاً من أنواع التهديد بإيقاف التعاون مع تركيا مستقبلاً، وهو أمر يتقاطع مع تخلي الرياض عن أضخم صفقة عسكرية كانت قد وقعتها مع تركيا.
سياسات الرياض المستجدة رافقه هجوم إعلامي مكثف، وفي سيناريو أقرب ما يكون من ذلك الذي شهدته الدوحة قبل انفجار الأزمة، بدأ الجيش السعودي الإلكتروني حملة ضد تركيا عبر "تويتر"، أطلق خلالها وسم #تركيا_تهاجم_السعودية، كما برزت الدعوات لمقاطعة المنتجات التركية، فضلًا عن مطالبة الدول العربية بطرد سفرائها لتلقى أنقرة مصير الدوحة.
الحملة السعودية لم تبق مطولاً من دون رد، وقد بدأت قوات تركية عقب وصولها إلى قطر، أول تدريبات عسكرية مشتركة مع الجانب القطري، وذكرت الدوحة أن التدريبات تأتي بهدف محاربة التطرف والإرهاب وعمليات حفظ السلام.
ردود الفعل التركية تتابعت، إذ هدد أحد كبار مستشاري الرئيس التركي يغيت بولوت، السعودية بربيع عربي من شأنه أن يطيح بنظام القبيلة والملكية الحاكم فيها، قائلاً: "لا بد من اندلاع ربيع عربي في السعودية التي تخضع بأكملها لقبيلة وملكية واحدة، بحيث لا يمكن أن يقبله المنطق، لذلك فإنها ستشهد ربيعاً، ولا بد من ذلك."
هذا الموقف جاء متناسقاً مع كلام للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام، حيث شن هجوماً شديداً على الوهابية، المذهب الرسمي للسعودية. وخلال لقاء تلفزيوني، وصف الوهابية بالمذهب المتطرف، مؤكداً أنها "خارجة عن الإسلام" ولا تمت إليه بصلة، يأتي ذلك فيما أثار نشاط الوهابية في القوقاز والبلقان قلق الحكومة التركية، وهي التي سعت لترسيخ نفوذها في تلك الدول عبر تقديم نفسها كبديل علماني عن التطرف.