السعودية/ نبأ – رجحت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن تقود سياسات ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان المملكة إلى الإفقار بدلاً من تدشين وضعها كدولة إقليمية، وهو ما يطمح إليه يطمح ولي العهد الجديد.
واستعرضت الصحيفة، في تقرير لها نشره موقع “هفنغتون بوست” الإلكتروني الأميركي، التغييرات التي حدثت في السياسة السعودية على يد ابن سلمان، وتساءلت عن مدى حكمها وفاعليتها، ملمحة إلى أن الأساليب التقليدية المحافظة “كانت أكثر حكمة وأقل تكلفة”.
وقالت “هآرتس”: “يقارن البعض بين الحدث الذي جرى هذا الأسبوع، حينما جثا ولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان وقبَّل يد ولي العهد المُعفى محمد بن نايف، بحدثٍ آخر جرى عام 1964 بين الملك المنتصر فيصل والملك المخلوع سعود، الذي نُفِيَ إلى اليونان. فآنذاك، قبَّل الملك فيصل هو الآخر يد أخيه. وفي كلتا المرتين سابقاً والآن، قال الأمير المُبعَد للمنتصر: “الله يعينك”، وقال المنتصر للمهزوم: “الله يعزكم”.
هذه هي الطريقة التي تعمل بها الديمقراطية السعودية. فـ”لمصلحة العائلة الحاكمة، يجب أن يُقال إنَّ التغييرات في قيادة النظام، حتى لو تمَّت بالقوة، لم تنطوِ على أي دماء، على الأقل بين صفوف الطبقة الحاكمة”، بحسب تقرير “هآرتس”.
وتقول الصحيفة: “يتضح أنَّ المال، خصوصاً لو كان كثيراً، يشفي الجِراح. فمليارات الدولارات التي وُعِد بها الأمير المنهزم تضمن الإبقاء على العلاقات الجيدة داخل العائلة الحاكمة”.
السعودية في الاتجاه الخاطئ
لكنَّ الأمور في المملكة بدأت تسير في الاتجاه الخاطئ، بحسب ما تذكره الصحيفة في تقريرها: “فكما نعلم، يحاول الأثرياء عادةً أن يتظاهروا بالعيش بتواضع خوفاً من العين الشريرة، وكذلك من دفع جماهير الفقراء المحيطين بقصورهم المتلألئة إلى الشعور بالحنق. وهذه هي الطريقة التي سارت عليها السعودية على مدى جيل، وتتمثَّل في العمل بهدوء، وبصورةٍ أساس من خلف الكواليس، لتنفيذ سياستها”.
وترى “هآرتس” أن المملكة “قرَّرت الكشف عن وجهها العدواني. وبدأت تتصرُّف بوحشيةٍ ونفاد صبر، وتخلَّت في طريقها عن الحكمة العربية القائلة: “لا تكن رأساً، فالرأس كثير الأوجاع”.
وتعلق الصحيفة على حصار السعودية وحلفائها لقطر، قائلةً: “في السعودية، بدأوا يعتقدون أنَّ ذلك مستحيلٌ دون السيطرة على محيطهم. ويُمثِّل حصار قطر مقدمةً لما يمكن أن يحدث أيضاً في الصراع مع إيران، الذي بدأ التبلور بالفعل.
وتطرح الصحيفة الإسرائيلية تساؤلاً وهو: هل السعوديون مستعدون لدفع الثمن الذي يتطلَّبه ممارسة دور القوة الإقليمية، وكذلك لاستخدام المال الذي اعتادوا أن يشتروا به الأنظمة، والحركات السياسية، والقادة، والمُثقفين من أجل شراء الدبابات، وهو الأمر الذي سيؤدي فقط إلى زيادة درجة الغضب والكراهية تجاههم؟
المقامرة كبيرة، لكن من الواضح أنَّ السيف قد سبق العذل. وعلينا أن نعتاد المملكة العربية السعودية الجديدة، حسب الصحيفة.
لن يجني العرب شيئاً
وترى الصحيفة أن العرب لن يجنوا شيئاً من التغييرات في السعودية؛ بل العكس تماماً. فـ”سباق التسلُّح، الذي يضخ المليارات في صناعة السلاح، سيؤدي إلى إفقار بلاد المنطقة، والتي ستكون مُضطرةً إلى الانضمام لهذا السباق المخيف”.
ولكل بندقيةٍ تُشترى، سيُحكَم على طفلٍ آخر بحياة الفقر؛ بل وحتى الجوع. ولكنَّ الرفاهية بإمكانها أن تنتظر، فالسعوديون يرون أنَّهم هم بوابة المستقبل. وفي الماضي أيضاً، في أيام سياسة ما خلف الكواليس، كان دور السعودية مقتصراً على تصدير التعصُّب الديني الأعمى في إطار الأيديولوجية الوهابية، التي تُعَد أم كل الحركات المُتعصِّبة، تقول “هآرتس”.
وتختم الصحيفة تقريرها بالقول: “كان يُطلق على السبعينات “الحقبة السعودية”؛ بسبب ازدياد أهمية النفط. وقد أُهدِرت مليارات الدولارات في تلك الفترة. لكنَّ كل نعمةٍ تأتي مصحوبةً بنقمة، فبعد سلسلةٍ من الصراعات التي بدأها السعوديون في اليمن وقطر، بدأت الحقبة السعودية، رغم كل الصخب، في الانتهاء. ففي نهاية المطاف، حتى أثرى الأثرياء يمكن أن يصبحوا فقراء”.