تذرعت الولايات المتحدة بمحاربة الإرهاب وتدريب الجيش العراقي، فبنت قواعد عسكرية وأرسلت قواتها إلى العراق، إلا أنه كان لواشنطن أهدافًا استراتيجية أخرى، لتقييد محور المقاومة…
تقرير عباس الزين
مع اقتراب انتهاء تواجد تنظيم "داعش"، تساؤلات ملحة تُطرح حول مصير القواعد الأميركية في العراق بعد انتفاء ذريعة تواجدها. لكن التماهي الأميركي مع الإرهاب في العراق، يكشف عن غايات وأبعاد سياسية وعسكرية، عملت واشنطن على رسمها في البلد الذي انسحبت منه أواخر العام 2011.
القوات الأميركية لم تشارك بشكل مباشر بأي معركة ضد التنظيم الإرهابي، باستنثناء الغارات الجوية ضمن "التحالف" الدولي، والتي كانت بمعظمعها هامشية ولا تأثير ميداني لها، حيث لم يُلاحظ أي مساندة فعّالة للجيش العراقي من قبل القوات الأميركية المتواجدة، على العكس تماماً، فإن الأنبار سقطت في العام 2014، والقوات الأميركية متواجدة فيها في قاعدة "عين الأسد"، إلى جانب الغارات الجوية الأميركية التي أعاقت تقدم القوات العراقية.
التواجد العسكري الأميركي في العراق، له غايات تنسجم مع التطلعات الأميركية لمستقبل المنطقة. وزير الحرب الأميركي جيمس ماتيس، أكد في وقتٍ سابق أنّ سياسة الحكومة الأميركيّة هي إرسالُ مزيدٍ من القوّات العسكريّة إلى العراق، وأنّ بقاء هذه القوّات يحدده الجانبُ الأميركي، ویأتي في هذا السياق قرارُ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنح صلاحياتٍ واسعةٍ، وحرية القرار للبنتاغون، في تحديدِ عددِ القوّات الأميركيّة اللّازمة في العراق ومناطق انتشارها.
يمتد التواجد العسكري الاميركي من بغداد إلى الحدود العراقية عبر الصحراء مع الأردن وسوريا مروراً بالموصل، وإقليم كردستان.
وفقًا لمراقبين، فإن لهذه المنطقة هدف استراتيجي من بين الأهم لأميركا، وهو تشكيل عازلٍ وفاصلٍ يحولُ بين تمددِ خطّ المقاومةِ من إيران إلى العراق، وصولاً إلى حدود فلسطين المحتلة، مروراً بسوريا ولبنان، وعليه فإنّ واشنطن هدفت من خلال ذلك خلق فاصلٍ جغرافيٍّ بين إيران والعراق وسوريا ولبنان.
وصول قوات الحشد الشعبي إلى الحدود السورية بالتزامن مع وصول الجيش السوري إلى الحدود العراقية، أفشل هذا المشروع، وسقطت معه المتغيرات الجيوسياسية التي عملت واشنطن على إرسائها.
مع انتهاء "داعش"، وفشل واشنطن في فرض فاصل يقطع أوصال الجغرافيا السياسية لخطّ المقاومة، وعدم جدوى أسلوب تطويق إيران عسكرياً وسياسياً، يبدو أن تلك القواعد تواجه المجهول، فما هي الأهداف الأميركية لبقائها في ظل سقوط الأهداف والذرائع؟