أثار حديث للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة عن مساعٍ سعودية إماراتية بحرينية ومصرية عن تطبيق "العلمانية" في الشرق الأوسط، الرأي العام وأمراء من الأسرة الحاكمة، حيث عبّروا عن استيائهم ممّا وصفوها بـ"علاقة الوصاية" التي تمارسها الإمارات على المملكة في عهد محمد بن سلمان.
تقرير عباس الزين
"أنتم وهابيون إرهابيون، عليكم أن تنتهجوا العلمانية كمسار حكمٍ سياسي واجتماعي". هذا تحديداً ما تريده الإمارات قوله للسعودية، بدءاً من كلام وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الذي اعتبر أن "لدى السعودية مشكلة في التمويل الشخصي للإرهاب"، وليس انتهاءً بتصريحات السفير الإماراتي في أميركا يوسف العتيبة، الذي تحدث باسم السعودية، معتبراً أن الأخيرة إلى جانب البحرين ومصر والإمارات تسعى إلى شرق أوسطٍ "علماني".
يتناقض كلام السفير الإماراتي في الجوهر والمضمون مع الأسس التي قام عليها حكم آل سعود. هاجم العتيبة قطر، في الظاهر، متهماً إياها بإعاقة "العلمانية" في الشرق الأوسط، بيد أن كلامه موجه بشكل مباشر إلى الرياض أيضاً. تريد السعودية شرق أوسطٍ مغاير للتوجهات القطرية، صحيح، لكن في الوقت نفسه هي متمسكة بما هو أسوأ للإمارات من "الإخوان"، وهي الوهابية.
ولاقت تصريحات العتيبة ردود فعلٍ لاذعة، من قبل أمراء في الأسرة الحاكمة السعودية. إبن الملك فهد، عبد العزيز، رد عبر "تغريدةٍ"، بالدعوة إلى محاربة "العلمانية والليبرالية". أما بنت سعود بن عبد العزيز، فقد شنت تحت وسم "#الا_عقيدتنا_يالعتيبه"، هجوماً عنيفاً على السفير الإماراتي، متسائلةً عن صمت وزارة الإعلام السعودية عن تصريحاته، لافتة في الوقت ذاته إلى مؤامرة تحاك ضد بلادها، في إشارةٍ إلى النفوذ الإماراتي.
نشطاء سعوديون وتحت وسم "#العتيبة_يريد_السعودية_علمانية"، هاجموا السفير الإماراتي، كما هاجموا المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، بسبب تأييده تصريحات العتيبة.
تصريحات العتيبة الرسمية، باسم السعودية توضح التأثير المتصاعد لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، على محمد بن سلمان، وهو ما عبّر عنه مغردون سعوديون بوسم " #قرار_الرياض_في_أبوظبي".
إلى جانب المخاطر الاقتصادية لمشروع إبن سلمان "رؤية 2030"، فإن مستقبل السعودية "العلماني" كما يريده العتيبة، ليس بعيداً عن مضمون الرؤية ذاتها، من خلال الإصلاحات الدينية التي يروج لها إبن سلمان.
لم تستهدف الأصوات التي ارتفعت مهاجمةً العتيبة، وقبله قرقاش، من داخل الأسرة الحاكمة السعودية، التأثير الإماراتي فقط، أرادت القول أيضاً، "نحن هنا.. معارضة لحكم إبن سلمان".
ووفقاً لمتابعين للعلاقة السعودية الإماراتية، فإن تغريدات إبن فهد لم تأت عن عبث. فهناك جهات ساخطة جداً على ابن زايد داخل الأسرة الحاكمة بدأت تبدي امتعاضها من سياسات ابن سلمان، ما ينذر بعواقب، وصفها مراقبون "بالوجودية"، تطال نظام الحكم برمته.