كشفت حرب التصريحات التي أشعلتها أبوظبي ضد أنقرة وطهران الاحتقان السياسي الذي خلفته الأزمة الخليجية، والذي انعكس تغيرات في الإصطفافات الإقليمية. ولعل تصريحات الرئيس التركي، رجب الطيب إردوغان حول امكانية تعاون عسكري مشترك مع إيران، أدت مهامها الأولية، فأخرجت ما كانت تضمره أبو ظبي لدواعٍ دبلوماسية، الى العلن.
تقرير عباس الزين
التعاون والتنسيق كانا محور الحديث الذي دار بين الرئيسين الإيراني والتركي، في ردِّ صريح من قبلهما على الهجوم الإماراتي. وقال الرئيس الإيراني، الشيخ حسن روحاني، خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إن إيران وتركيا “يجب أن توحدا جهودهما في ما يخص مصلحة السلام والاستقرار في المنطقة”، داعياً إلى تعزيز التعاون بين البلدين، في وقتٍ أكد فيه الرئيس التركي أن تضامن إيران وتركيا في تسوية القضايا الإقليمية “أمرا ضروريا”، معبراً عن ثقته بأن العلاقات بين إيران وتركيا “ستستمر بشكل أفضل من الماضي”.
على وقع التقارب التركي الإيراني الأخير في ملفات المنطقة، من سوريا إلى الأزمة الخليجية، تأتي زيارة الرئيس التركي المرتقبة إلى طهران، مصحوبةً بهجومٍ حاد شنته الإمارات المتحدة على البلدين. وكانت أبو ظبي قد دعت أنقرة إلى التوقف عن ما وصفته بـ”النشاط الاستعماري” في سوريا، حيث اعتبر وزير الخارجية الإماراتي، في مؤتمرٍ صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن “سبب ظهور الأزمة السورية، إضافة إلى الأوضاع السياسية الداخلية، كان تدخل قوى خارجية وخاصة تركيا وإيران”.
وشدد المتحدث باسم الخارجية التركية، حسين مفتي أوغلو، على أن تركيا “لا يمكنها التهاون حيال الأطراف التي تستهدف أمنها القومي، من خلال محاولات خلق أمر واقع، بدعوى مكافحة الإرهاب”. بدوره، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، تصريحات آل نهيان بأنها “زائفة ووهمية وغير بناءة”، موضحاً أن “على أبو ظبي وقف مغامراتها التخريبية في المنطقة كونها تفوق قدراتها وحجمها”.
تندرج حرب التصريحات التي بدأت من قبل الإمارات ضد تركيا وإيران في إطار الأزمة الخليجية، ولو كان الظاهر منها هو الملف السوري، حيث تتهم السعودية والإمارات تركيا بدعم مشاريع قطر في المنطقة، إلى جانبِ كون الأزمة الخليجية اشتعلت تحت ذريعة العلاقات القطرية الإيرانية.
التوتر الأخير في العلاقات بين الإمارات وتركيا والذي تصاعدت حدته على خلفية الصراع الخليجي، ودعم أنقرة السياسي والعسكري للدوحة، كان سبقه اتهامات وجهتها أنقرة لأبو ظبي بالضلوع في محاولة الإنقلاب الفاشلة في تركيا، في يوليو / تموز 2016، إلى جانب دعم أبو ظبي لاستفتاء “إقليم كردستان” الداعي إلى الاستقلال عن العراق، وهو الذي عارضته كل من طهران وأنقرة بشدة، لما يشكله من تهديد على الأمن القومي للبلدين.