لم تقتصر آثار الازمة الخليجية على منطقة الخليج فحسب، بل تعدتها إلى دول شرق افريقيا، وقد بات سباق النفوذ بين دول الأزمة يهدد بإدخال منطقة القرن الأفريقي في مرحلة من عدم الاستقرار.
تقرير رامي الخليل
باتت الحالة السياسية والعسكرية في منطقة القرن الأفريقي أشبه ما تكون بحرب باردة خليجية ولكن بأدوات أفريقية، وهو ما تشير إليه الاحداث في شرق افريقيا، حيث تتنافس السعودية الإمارات وقطر على بسط النفوذ. وبعيداً عن العدوان المستمر على اليمن، سلطت الأزمة الخليجية الضوء على التناقضات بين أجندات هذه الدول، خاصة في مساعيها التوسعية في منطقة حيوية تقع عند نقطة استراتيجية مهمة في التجارة العالمية.
وذكرت وكالة “أسوشييتد برس”، في تقرير، أن الأزمة الخليجية من شأنها أن تؤدي إلى تداعيات على عدد من دول القرن الأفريقي من الصومال إريتريا جيبوتي وإثيوبيا، وذلك بالنظر إلى العلاقات التي تجمعها بدول الأزمة، وقد حرصت الامارات السعودية وقطر على إقامة قواعد عسكرية أو إدارة موانئ المنطقة، فضلاً عن المساعدات التي تقدمها للدول الافريقية.
وأكد التقرير الأميركي أن بعض الحكومات في منطقة شرق أفريقيا باتت في موقف حرج بسبب الخسائر التي ستتكبدها من جراء استمرار علاقاتها مع قطر كحال الصومال الذي لم يلتزم إملاءات دول المقاطعة، في حين أن حكومات أخرى قد تحقق المكاسب، مستفيدةً من اصطفافها إلى جانب تلك الدول.
وأوضح الباحث في معهد “جيمس بيكر الثالث” في جامعة “رايس”، كريستيان كواتس أولريشسين، أن المنطقة تشهد منافسة جيوسياسية بين الدول الخليجية، وفيما أنشأت الإمارات قاعدة عسكرية في إريتريا في ميناء عصب، فإنها تسعى أيضاً إلى بناء قاعدة في منطقة أراضي الصومال الشمالية المنفصلة، كما تعمل على بناء قاعدة عسكرية أخرى في شمال الصومال.
أما السعودية فإنها تناقش بناء قاعدة عسكرية في جيبوتي، وفيما كانت قطر تؤدي دوراً أساسياً لحفظ السلام بين كل من إريتريا وجيبوتي، عبر نشر قوة عسكرية قطرية في جزيرة متنازع عليها في البحر الأحمر بين هاتين الدولتين، فإن دعم جيبوتي لدول المقاطعة دفع الدوحة لسحب قواتها، وبالتالي ازداد خطر تجدد النزاع المسلح بين جيبوتي واريتريا.
لطالما هُمَّش دور القرن الأفريقي الاستراتيجي، لكن قربه من باب المندب الحيوي في التجارة العالمية، مع ما يشهده اليمن من حرب تقودها السعودية، جعل تأمينه عملية ذات أهمية كبيرة لدول الخليج، خاصة وأن من يمتلك فيه النفوذ الأكبر، ستكون له اليد العليا اقتصادياً وسياسياً.