تسعى السعودية إلى إحياء الانقسام السياسي بين اللبنانيين من ركام الفشل السياسي والعسكري لحلفائها، في وقت بدأت فيه الساحة اللبنانية تتفاعل مع النوايا السعودية المعلنة لمرحلة ما بعد “التحرير الثاني”.
تقرير رامي الخليل
لم تكد تمر بضعة أيام على تهديدات الوزير السعودي ثامر السبهان للبنانيين بفعل احتضانهم لحزب الله، حتى فتحت بعض الجهات المناوئة للحزب نيرانها السياسية من جديد، ومع تجاهل الإنجاز الاكبر المتمثل بخلاص لبنان من الارهابيين في جروده، فإن ما ظهر من امتعاض سعودي من إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” التحرير الثاني، كان عنواناً لمرحلة تشي بأن الرياض عازمة على توتير الاجواء في لبنان.
تغريدة السبهان التي أطلقها الاثنين الماضي في 4 سبتمبر / ايلول 2017 عبر موقع “تويتر”، والتي وصف فيها “حزب الله” بـ”حزب الشيطان”، حملت معها تهديداً صريحاً للبنان، وفيما دعى السبهان اللبنانيين إلى وجوب الابتعاد عن الحزب، تابع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مهمة التحريض عبر اعتبار “حزب الله” بأنه “عامل زعزعة للاستقرار في المنطقة”.
وكما العادة، كان للإعلام السعودي نصيبه في تعكير صفو الاجواء اللبنانية، وفي مقالين متزامنين، يوم الثلاثاء 5 سبتمبر / أيلول، لصحيفة “الشرق الأوسط”، الأول بعنوان “صفقة “حزب الله” و”داعش”: تعددت الأحزاب والعنف واحد”، والثاني “هذا تفسير اتفاق “داعش” و”حزب الله””، ساوت الصحيفة السعودية مقاومة “حزب الله” بإرهاب تنظيم “داعش”، وهي مقاربة ذهبت إليها صحيفة “الرياض” أيضاً، بمقال حمل عنوان “وأخيراً وجد “داعش” من يناصره”.
وجدت هذه الحملة من يتلقفها من السياسيين في لبنان، فوصف رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان اتفاق إخراج إرهابيي “داعش” من لبنان بـ”الصفقة المشبوهة”، فيما انتقد عضو “كتلة المستقبل” النيابية عقاب صقر موقف “حزب الله” من جرائم الرياض في اليمن ودعوته إلى محاكمة المسؤولين عنها، وهو موقف رأى فيه صقر أنه “يتنافى مع المصلحة الوطنية”، و”يرفع وتيرة التشنج اتجاه الخليج”، كذلك كان لافتاً للانتباه موقف كل من رئيس الهيئة التنفيذية في حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وموقف حزب “الكتائب اللبنانية” من “حزب الله” بعد تغريدة السبهان، علماً أن جميعهم يدورون في الفلك السعودي.
كشف موقف المملكة الغاضب من نجاح “حزب الله” في اقتلاع مسلحي “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش” من الجرود الشرقية للبقاع، نوايا الرياض المبيتة للبنان، وفي هذا يرى مراقبون أن المملكة قررت إنهاء فترة الهدوء السياسية التي رافقت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبنان في 31 أكتوبر / تشرين الأول 2016.