يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى التملص من تهمة التطرف عبر لصقها بإيران، لكن تاريخ المملكة يشهد بخلاف ادعاءاته، أما حاضرها فيشير إلى أنها تنتقل من تشدد سلفي إلى تشدد إصلاحي.
تقرير رامي الخليل
“إن مشروع الصحوة انتشر في المنطقة بعد عام 1979 لأسباب كثيرة، فلم نكن بهذا الشكل في السابق، نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب”. هكذا حاول ابن سلمان التنصل من تهمة التطرف ولصقها بالجمهورية الإسلامية في إيران، وهي التهمة التي رافقت المملكة منذ تاريخ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1744، حيث تحالف أمير الدرعية محمد آل سعود مع محمد بن عبدالوهاب، مؤسس الوهابية، لبسط السيطرة على الجزيرة العربية، حيث اتفقا معاً على نشر الدعوة سياسياً ودينياً، ونتيجة لهذا المزيج، قُمِعت قبائل الجزيرة العربية بحد السيف وسيطر عليها الفكر المتطرف.
يكشف كلام ولي العهد مستوى التزييف الذي تمارسه الرياض لتبييض سجلها العامر بالتطرف ودعم الحركات الإرهابية، وقد طال روسيا أو الاتحاد السوفييتي سابقاً وأفغانستان، وامتد إلى معركة تحرير الكويت وهجوم 11 سبتمبر / أيلول 2001 في نيويورك، مروراً بدعم الحركات المتشددة في سوريا والعراق، وليس انتهاءاً بالهجمات الإرهابية في أوروبا وأميركا.
يفتقد كلام ولي العهد الدقة التاريخية، وسبق له أن عبر عن الموقف ذاته لصحيفة “واشنطن بوست” في 22 أبريل / نيسان 2017، واعتبر حينها أن التطرف في المملكة بدأ كرد فعل على انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فيما طموحه مرتبط بالعودة إلى مرحلة ما وصفَه بالاسلام الوسطي قبل اكثر من 30 عاماً.
أظهر طرحُ الأمير الشاب جهلاً كبيراً لديه في تاريخ المملكة، وهو تاريخ شكلت خلاله الوهابية أساساً لقيام الدولة السعودية بنُسَخِها الثلاث، وفي هذا يرى الباحث في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية سيباستيان زونس أنه “لولا الدعم الديني من الوهابيين لما حصلت العائلة المالكة على السلطة السياسية، وبالتالي فإنه من الصعب لابن سلمان الاحتفاظ بالسلطة السياسية إذا فقد دعم اصحاب الفكر الذي يريد التخلص منه”.
ورأى مراقبون أن طموحات ابن سلمان عن الاعتدال ومحاربة الفكر المتطرف، ترافقت مع حملة اعتقالات طالت أشخاصاً يحملون أفكاراً بعيدة عن الفكر السلفي الجامد، وفيما حذر الكاتب السعودي جمال خاشقجي من خطورة الانتقال من تشدد سلفي إلى تشدد إصلاحي، أكد المحلل السياسي عبد المجيد الجلال أن ابن سلمان لجأ لأسلوب الاعتقال لتحييد كل من يعارضه بحجة التطرف.