لا يبدو مسار الإستئثار بالسلطة في السعودية من خلال الاعتقالات التي تطال الدعاة والحقوقيين المعارضين، بعيداً عن طريق التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
تقرير عباس الزين
بموازاة التمهيد لإعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ملكاً على البلاد، يبدو واضحاً أن التمهيد لإعلان التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي أحد أهم الأسباب الكامنة وراء حملة الاعتقالات السعودية ضد دعاة وأكاديميين ومعارضين لسياسات الشاب العجول.
في ورقة تقدير موقف حول الاعتقالات الأخيرة، اعتبر مفكرون وناشطون أن ما تشهده المملكة هو بطشٍ غير مسبوق يهدف إلى كسرِ وقمع كل من يحاول التشويش على توجهات الحكم الجديدة، إذ قدمت الورقة قراءة في الأسباب التي أدت إلى إقدام النظام الحاكم على تلك الاعتقالات، بين المستويين الداخلي، والخارجي.
داخلياً، تحدثت الورقة عن تشوه كبير في الوعي والأولويات والحقوق والحاجات أصاب المواطنين في المملكة، ذاكرةً أن حكومة “الفرد الواحد” تمكنت من تفريغ المملكة من القوة الحقيقية التي تمكنها من النهوض عبر مؤسساتها المدنية بمعزل عن الحكومة، وتجعل الشعب قادراً على التصدي للأخطار التي قد تواجهه أحياناً من الحكومة نفسها، كما يحصل حالياً.
أمّا خارجياً، فلفتت الورقة النظر إلى أن القوى الكبرى وجدت ضالتها من خلال نظام الحكم في السيطرة على منطقة الخليج وكنوزها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي، الأمر الذي يفسّر سكوت الغرب بكياناته الحقوقية عن التخلف الحقوقي الحقيقي الذي تعيشه المملكة.
ودعا العلماء والمفكرون الشعب السعودي إلى الوقوف بعدل وإنصاف تجاه حملة الاعتقالات التعسفية غير العقلانية، وإعمال الوعي والتأمل وعدم التسليم للتشويه الكلامي الإعلامي. بالإضافة إلى فتح النقاشات ونشر المقالات حول أولويات الإصلاح وآليات الحكم وإدارة شؤون الناس، ووضع اليد على أسباب التدهور الحقيقي الاقتصادي والإداري الذي تعيشه المملكة.
زجّ العديد المثقفين والحقوقيين والنشطاء في المعتقلات السعودية مع دعاة متطرفين من صنيعة النظام الوهابي، يأتي، وفق مراقبين، لإيهام الشعب بأنهم هم سبب التخلف والنهب والفساد والتدين المدعوم رسمياً، فيما تشي المعطيات أن تلك الإعتقالات تأتي ضمن عملية التطبيع التي تجري على قدم وساق بين المملكة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم تكليف عدد من أعضاء “هيئة كبار العلماء” التابعة للسلطة لتمهيد الأمور وإقناع الرأي العام بضرورة التطبيع، عبر إعداد المسوغات الشرعية لتلك العملية، بعد تكوين شبكة من ذوي التخصصات الشرعية بالذات ليكونوا على استعداد للقيام بالمهام المطلوبة، حين يبدأ النظام في إخراج العلاقة مع إسرائيل بالقالب الرسمي.