انقلب “تيار المستقبل” على مشروع السعودية في لبنان مطالباً بعودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من الرياض، وسط ظهور حالة من الشقاق بين المسؤولين السياسيين.
تقرير رامي الخليل
قطع تيار المستقبل الشك باليقين، فأكد أن رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري ممنوع من العودة إلى لبنان بقرار ملكي، وفيما تركت رمزية الشخصيات التي جمعها المشهد عند تلاوة البيان دلالات تصعيدية اتجاه المملكة، كان آخرون في فلك “المستقبل” يباركون للسعودية خطواتها المعادية.
وأكد البيان خسارة السعودية لمشروعها السياسي في لبنان بسبب السياسة الاستعلائية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما كشف حال الشقاق المتصاعدة بين أصدقاء الأمس من المستقبليين، وقد خرج منهم من يدعم الخطوات السعودية ضد “حزب الله” ويتجاهل الطريقة المهينة لاستقالة الحريري.
أعلن بيان “المستقبل” فشل السعودية في إسقاط المصالحة السياسية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للبلاد، وبالحريري رئيساً للحكومة، معلناً إحباط مساعي الرياض للضغط على اللبنانيين، باعتبار أن أي حكومة يشارك فيها “حزب الله” تمثل حكومة حرب، فكان واضحاً أن المكون السني الأكبر في لبنان باقٍ في الحكومة بالشراكة مع جميع القوى اللبنانية وبخاصة “حزب الله”.
البيان الذي خيَّب أيضاً مساعي الرياض لإفشال مخرجات لقاء كليمنصو الذي جرى بين النائب وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري، سبقه تصريح لوزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، الشخصية الوسطية في “تيار المستقبل”، والذي سبق ودخل اسمه إلى بورصة الأسماء المرشحة لتولي رئاسة أي حكومة في حال قرر سعد الحريري مغادرة هذا الموقع.
وأعلن المشنوق، من دار الفتوى في بيروت، أن الأجواء لدى قيادات المستقبل ذاهبة إلى الواقعية بخلاف التصعيد السعودي، وهو الموقف الرسمي والأقوى لأنه يعبر عن التيار ككل، وفي تعليقه على التسريبات حول نية السعودية تنصيب بهاء الحريري شقيق سعد، على رأس “تيار المستقبل”، أكد المشنوق أن السياسة في لبنان تحكمها الانتخابات وليس المبايعات.
بخلاف هذا التوجه، كان لافتاً للانتباه تغريد وزير العدل السابق أشرف ريفي خارج سرب “تيار المستقبل”، وقد سارع إلى مبايعة ابن سلمان طالباً من الرئاسة قبول استقالة الحريري، كما أوعز برفع صور محمد بن سلمان في أزقة وأحياء طرابلس، وهو الذي ارتبط اسمه بقضايا امنية وعسكرية عبر دعم جماعات مسلحة ومتطرفين في المدينة.
تقاطع موقف ريفي مع ما سبق للقيادي في “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علّوش أن أعلنه في الأول من شهر نوفمبر / تشرين الثاني، وفيما كان الوزير ثامر السبهان يتابع تحريضاته ضد لبنان و”حزب الله”، لم يستبعد علوش أن تتحول المواجهة بين السعودية وإيران إلى عسكرية، قد تجد مسرحها في لبنان.
تأتي هذه المواقف التصعيدية في حين تخشى قيادات في “المستقبل” من أن تكون الرياض قد قررت تشكيل قوة خاصة بها داخل التيار، بحسب ما تؤكد مصادره، وهو ما تظهر مؤشراته في تواصل سعودي مباشر مع سياسيين وإعلاميين ونشطاء في التيار.