تقرير هبة العبدالله
اعترفت الولايات المتحدة الأميركية، رسمياً، بالقدس “عاصمة” لإسرائيل، بعدما حاولت على مدى عقود حرف الأنظار عن تحالفها الاستراتيجي مع تل أبيب ومحاولة الاضطلاع بدور الوسيط الساعي للسلام.
يشكل قرار ترامب الذي صيغ بلغة منحازة للإسرائيليين تهديداً صريحاً لحل الدولتين الذي تتبناه واشنطن وحليفتها الرياض باعتبار القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، والتي غابت عن خطاب ترامب، ذاكراً القدس كمدينة غير مقسمة.
اكتفت المملكة السعودية باعتبار القرار الأميركي “غير مبرر وغير مسؤول”، في رد أشبه بالصمت على الخطوة الأميركية التي تشكل انتهاكاً صارخاً لحق الفلسطينيين في أرضهم وعاصمتهم، وكأن المسؤولين في المملكة كانوا مرتاحين للقرار ما لم يضطرهم إلى بذل الكثير من الجهد في تقديم تصريحات بهدف الاستهلاك الإعلامي، فقدمت المملكة موقفاً صريحاً من القضية منحازة للطرف الأميركي الإسرائيلي في الاشتباك.
تخلّى السعوديون عن فلسطين أو ربما أنهم هذه المرة أوضحَ في تخليهم القديم عن القضية. تنازل السعوديون لمصلحة الصفقة الكبرى التي يديرها الرئيس الأميركي بحرف الأنظار من القدس إلى واشنطن وتبسيط الحديث عن الأولى وتعظيم المخاوف من الثانية.
يشارك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تجمعه علاقة قوية مع ترامب وكبير مستشاريه وصهره غاريد كوشنر، الإسرائيليين والأميركيين في خوفهم المتفاقم من النفوذ الإيراني. يقدم ترامب إجهاض القضية الفلسطينية على أنه حل دائم للخلاف الإسرائيلي الفلسطيني، كتسهيل أمام التقارب السعودي الإسرائيلي لدمج الرياض وتل أبيب كاملا في جبهة واحدة معلنة ضد إيران.
هذه الخطة بحثها ابن سلمان مع كوشنير خلال زيارة غير معلنة للأخير إلى الرياض قبل قرابة شهر. صفقة القرن السعودية الأميركية الإسرائيلية تفرض تعديلاً على شكل الدولة الفلسطينية أي دولة بديلة أو جديدة يخضع جزء منها لسلطة الأردن وآخر لمصر وتقوم بشكل أساس على تعديل ديموغرافي لمصلحة الإسرائيليين.
يقدم لاعبو الصفقة الأساسيون إعلان القدس “عاصمة” لإسرائيل كالإنجاز العظيم والتاريخي الذي سيقرب ابن سلمان من زعامة العالم العربي التي يسعى إليها، ويثبت ما يريده ترامب بأنه أعظم رئيس أميركي. لكن الصفقة تظل في مثلثها سراباً لن يحدث مع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.