تقرير: رامي الخليل
بعد اعلان السلطات السعودية الكشف أخيراً عن مصير قاضي الأوقاف في القطيف الشيخ محمد الجيراني المختطف منذ ديسمبر / كانون الأول 2016، تركت تناقضات الاتهامات التي وجهت إلى أعداد كبيرة من المواطنين، تساؤلات كثيرة عن خلفياتها.
الإفتراءات والأكاذيب التي صبغت حال النظام السعودي في محاولاته المستمرة لإيقاع الفتنة بين الأهالي في القطيف والعوامية بشكل خاص، انعكست على الهدوء النسبي الذي رافق موجة الاغتيالات الجسدية التي نفذتها السلطات ولا تزال بحق ناشطي الحراك السلمي، وها هي تُسخِّر قضية الشيخ محمد الجيراني لتنفيذ الاغتيالات المعنوية.
زكي الفرج، الأخ غير الشقيق للشهيد سلمان الفرج، هو أحد ضحايا افتراءات السلطة، الرجل الذي يقدره أهالي بلدته ويُعتبر من أبرز شخصياتها، اتهمته وزارة الداخلية بالتورط في عملية اختطاف وقتل الجيراني، وتشير المعلومات إلى أنه اعتُقل بعد مداهمة منزل أسرته في 19 ديسمبر / كانون الأول، تاريخ اغتيال شقيقه سلمان.
تلفيقات الداخلية وتضارب بياناتها للنيل من شخصيات عرفت بالسكينة والوقار وكل ما هو خير، ما هو إلا دليل على مساعي السلطة إلى استهداف عائلات محددة انتقاماً منها لمواقفها، وعائلة الفرج واحدة منها.
ليس تحميل زكي الفرج مسؤولية دم الشيخ الجيراني بجديد، فمنذ اللحظات الأولى لاختطاف الشيخ سخَّرت أدواتها الأمنية الإعلامية وتلك المتعاملة معها، للتصويب على مجموعة من أبناء القطيف بهدف شيطنتهم أمام الأهالي.
سبق الفرج كل من عبد الله آل درويش، ومازن القبعة، ومصطفى آل درويش، ومحمد آل عمار، وميثم القديحي وعلي بلال الحمد، بتحميل السلطة لهم وزر دم الشيخ، وهم كانوا أول دفعة زعمت الرياض في 1 يناير / كانون الثاني 2017 علاقتهم باختفاء الجيراني، فيما لم ترفق مزاعمها بأي دليل يثبت صحتها، بل وظفت افتراءاتها لخدمة أجندات النظام الفتنوية في المنطقة الشرقية.
استمرت محاولات السلطة إيقاع الفرقة بين الأهالي. ففي مارس / آذار ويونيو / حزيران 2017، بررت الرياض جريمة اغتيالها للناشطين في الحراك السلمي مصطفى المداد، ومحمد الصويمل، وفاضل آل حمادة بذريعة مسؤوليتهم عن اختفاء الجيراني، مع العلم أن دفعة المتهمين الأولى لم تتضمن أياً من هذه الأسماء، ليستمر بذلك تسخير النظام السعودي دم الشيخ الجيراني لتشويه صورة الناشطين.
مِن عبد الله آل درويش وبقية شباب الحراك الذين بدأت رحلة اضطهادهم واتهامهم بدم الشيخ الجيراني في 1 يناير / كانون الثاني، وصولاً إلى المؤتمر الصحافي للداخلية في 25 ديسمبر / كانون الأول 2017، تعددت محاولات النظام لاغتيال كل من رفض الظلم يوماً، ولإن نجحت قواته بتصفية البعض جسدياً، فإن وعي الأهالي ويقظتهم قادرة على إفشال مخططات النظام وعملائه، لتصفية الشرفاء معنوياً.