عدم تعاون إيران مع “التحالف الدولي” ضد داعش يعد نكسةً كبيرةً لمخطط أميركا

إيران / ناشيونال إنترست – الحكمة التقليدية في واشنطن تقول بأن طهران تعتبر الحركات السنية الجهادية منافساً أيديولوجياً لها. وهذا ليس مستغرباً، حيث إن الجزء الأكبر من الأدب السني الجهادي يجعل من الواضح أن إيران ذات الأغلبية الشيعية تعتبر تجسيداً للردة. وبالنسبة لمعظم الجهاديين السنة، بما في ذلك داعش، إيران هي العدو اللدود، الذي يتجاوز حتى إسرائيل والولايات المتحدة.

ولكن التاريخ يظهر أن طهران كانت على استعداد لغض الطرف عن التشدد في صفوف الجهاديين السنة، طالما أن إيران ليست الهدف المباشر لهم. وفي الواقع، هناك الكثير من الأدلة لإثبات أن طهران، وعلى الرغم من أنها غالباً ما قاتلت الجهاديين، إلا أنها في بعض الأحيان مكّنت، وحتى شجعت، التشدد السني الجهادي.

وقد أكّد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أنه لن يكون هناك أي تعاون إيراني مع واشنطن في الحرب ضد “الدولة الإسلامية” في العراق.

وبالنسبة للكثيرين، يعد هذا التصريح نكسةً كبيرةً للتحالف ضد داعش. حيث إنه، وبعد كل شيء، النفوذ الإيراني كبير بين شيعة العراق والمجتمعات الكردية، وعملياتها الاستخبارية الواسعة في هذا البلد تجعل منها لاعباً حاسماً.

ولكن عدم دعوة طهران لتكون جزءاً من ائتلاف ستة وعشرين دولة ضد داعش، لا يعني أن الإيرانيين لن يكونوا متورطين في هذه الحرب. في الواقع، المخاطر عالية للغاية هنا بالنسبة لطهران. داعش لا تشكل فقط تهديداً لمصالح طهران الجيوسياسية، ولكنها تضع أيضاً الاستقرار الداخلي في إيران على المحكّ.

الأسبوع الماضي، أعلنت طهران أنها ألقت القبض على مواطنين أفغان وباكستانيين مرّوا عبر إيران للانضمام إلى صفوف داعش. وهذا التدخل العلنيّ ضد الجهاديين السنة يشكل خروجاً عن السلوك الإيراني في الماضي. قاتلت طهران طالبان وحلفاءها في تنظيم القاعدة بأسنانها وأظافرها في أفغانستان من 1994 إلى 2001. ولكنها اعتمدت نهجاً ليّناً تجاه عناصر القاعدة بعدها.

حيث وضعت عناصر القاعدة الفارين تحت الإقامة الجبرية، وقامت بمبادلتهم عند الضرورة. وفي عام 2010، تم إطلاق سراح دبلوماسي إيراني اختطف في باكستان على الأرجح بعد عقد طهران لصفقة مع تنظيم القاعدة.

وعندما كان الوقت مناسباً، قامت طهران حتى بالسكوت على الأنشطة الجهادية السنية على أراضيها. ولفترة من الوقت، تركت طهران مجموعة من نشطاء أنصار الإسلام، وهو الفرع الكردي العراقي لتنظيم القاعدة، ليبني معسكراً له على أراضيها بعد فراره من أمام الجيش الأمريكي في العراق. واعتبرت طهران هؤلاء الجهاديين الأكراد كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة، ولم تتحول ضدهم إلا عندما بدأوا يستهدفونها.

الظروف الإقليمية وحماية المصالح هي ما شكلت تاريخياً نهج طهران تجاه المتشددين السنة، وليس الأيديولوجية. إلا أن صعود داعش، رغم ذلك، أدى إلى الإخلال بهذه الخطة. في الأسابيع الأخيرة، كان هناك العديد من التقارير في إيران حول توغل داعش في البلاد.

وفي حين اضطر بعض كبار المسؤولين في طهران لرفض هذه التقارير مراراً، إلا أن مسؤولين رسميين أخرين تحدثوا عن تسلل التنظيم إلى البلاد. وعلى سبيل المثال، كان هناك عدد من تقارير غير مؤكدة عن بعض السلفيين في المناطق الكردية من إيران الذين أعلنوا الولاء لـ “الدولة الإسلامية”.

وبغض النظر عن صحة هذه التقارير، ليس هناك شكّ في أن السلطات الإيرانية قد أصبحت حريصة على نحو متزايد، ليس بشأن انفجار أعداد مقاتلي داعش على الحدود مع العراق، ولكن حول حصول رسالة الجماعة على موطئ قدم بين الأقلية السنية في إيران.

في 11 سبتمبر، رئيس قوة الشرطة الإيرانية، العميد إسماعيل أحمدي مقدم، رفض بشكل قاطع تقارير تفيد بأن المتعاطفين مع داعش داخل إيران قد جمعوا الأموال للمجموعة. وقال: “لم نرَ أي جمع للتبرعات لصالح داعش داخل الحدود الإيرانية”. ولكن مسؤولاً آخر، وهو نائب وزير الداخلية الإيراني الجنرال حسين ذو الفقاري، اعترف بأن عدد قليل من الناس حاولوا مساعدة داعش، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك. وفي الوقت نفسه، أعلن وزير الداخلية أن داعش حاولت تجنيد الإيرانيين “من خلال الدعاية على شبكة الإنترنت، وحتى من خلال الاتصال ببعض الناس”.

كل هذا يوحي بأن السلطات الإيرانية تنبهت إلى وجود داعش داخل إيران، ولكنها ما زالت تعتقد بأنه من الممكن تحييد هذا التهديد. وهذا هو السبب في تركيز طهران على نقل المعركة ضد التنظيم إلى داخل العراق.