كشف مركز “كارنيجي للشرق الأوسط”، عن ماهية القضاء في السعودية، معتبراً أنه يعمل كأداة بيد الحكام من أجل تثبيت سياساتهم وفرضها على المجتمع عبر البوابة القضائية.
تقرير: سناء ابراهيم
ليس مستغرباً الإعلان عن تسييس القضاء في السعودية، والاحتكام لأوامر وآراء الحكام عوضاً عن القوانين والشرعات والمواثيق لأنظمة الحكم والمحاكمات في القضاء، ما يحتّم عدم استقلالية القضاء حيث يصبح القضاة على شكل موظفي خدمة مدنية وليس لهم دور تشريعي وأحكام بحد القانون، بل تصبح السياسة هي الحاكم الأول والأخير في شتى المواضيع، هذا المشهد في السعودية، سلط عليه الضوء مركز “كارنيجي للشرق الأوسط”.
المركز وضمن ورقة بحثية حول استقلالية القضاء، رأى أن استقلالية القضاء في السعودية كانت وليدة الأساليب التقليدية في التعلم والتدريب والهوية الجماعية التي منحت القضاء قوة كان يحذر منها ويحترمها الحكام السعوديون، ولكن السلطة عمدت بطرق تدريجية إلى تقليص دور القضاء عبر أدوات؛ مثل اعتماد المراسيم الملكية والحكومية كتشريعات مدونة تقلص المساحة المخصصة للتفكير المستقل والاجتهاد الذي يمارسه القضاة.
يغيب عن أروقة القضاء في السعودية ما يسمى مجالس قضائية متحررة من السلطة التنفيذية، وهذه المجالس تنتشر في مختلف دول العالم، إلا أنه في السعودية تم الاعتماد دوما على الضمانات غير الرسمية التي ربما تزول مستقبلا، ولعل ارتباط القضاء بالسلطة التنفيذية يجعل من السياسة باب آخر للحكم والتحكم، اذ حين تسلم عام 2012 محمد العيسى منصب وزير العدل وتم تعيينه رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، جمع بين المنصبين من دون التخلي عن الحقيبة الوزارية، ما يجعل الارتباط بين السياسة والقضاء محتما.
أضف إلى ذلك، فإن تشكيل محاكم متخصصة وهيئات شبه قضائية مستندة بالكامل إلى مراسيم حكومية قوضت اختصاص المحاكم العامة، كالتأمين والضرائب التي أصبحت في عهدة لجان شبه قضائية، ولا يمكن استئناف قراراتها أمام المحاكم العامة، وفق المعهد، الذي لفت إلى أن القضاء السعودي لا يملك أية وسائل رسمية لمقاومة التحديات المؤسسية .
ولعل حملة الاعتقالات التي طالت قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة، تؤكد من جهة كيفية تحكّم السلطة السياسية المتمثلة بالملك وولي عهده محمد بن سلمان بمفاصل الحكم في البلاد، ومن جهة أخرى تدحض نظرية ومحاولات ابن سلمان استخدام الأدوات القانونية لتحقيق أهدافها في السياسات وتثبيت موقعها. ويخلص المركز إلى أن السلطة السعودية تستخدم القضاة، سلاحاً جديداً في ترسانتها.