كشَفت الاحتجاجات الأخيرة في إيران النقابَ عن حقيقةِ أنَّ أيَّ تفكير في تكتل سُنّي، ناهيكَ عن تكتلٍ تتزعمُه السعودية، لمواجهة إيرانَ في المنطقة هو أمرٌ وهميٌّ لا يمكنُ تحقيقُه.
تقرير: حسن عواد
منذ منتصف القرن العشرين، حاولت السعودية تزعم العالم الإسلامي في صمت، وأحيانا في العلن، إلا أنها كانت تصطدم بحركات سياسية قوية تمنعها من ذلك.
حملت زورا مشعل الإسلام في مواجهة التيارات المقبلة من الكرملين.
ولم تفوت الحرب التي شنها الاتحاد السوفييتي على أفغانستان في أواخر السبعينيات ضد ما اعتبرته غزو دولة ملحدة لدولة إسلامية في مخطط لتزعم العالم الإسلامي، وصولا الى مزاعمها اليوم بمحاولات الحد من التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، ولتحقيق مبتغاها وصلت الى حد التحالف مع الكيان الإسرائيلي عدو الأمتين العربية والإسلامية.
سقط القناع عن وجه المملكة حينما اندلعت الاحتجاجات في إيران أواخر الشهر الماضي.
ابتهجت الرياض بهدوء، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، واشتعلت وسائل إعلامها بتغطيات حماسية للمتظاهرين الذين يطالبون بحقوق اقتصادية، في الأصل الشعب السعودي محروم منها، بتأييد إماراتي لهذه السياسة.
حاولت تجييش الدول السنية، إلا أن تركيا التي لا ترغب في إخضاع مصالحها للرياض اتخذت موقفا معاكسا، وسرعان ما أتصل رجب طيب أردوغان بنظيره الرئيس الإيراني حسن روحاني، كي يعرب له عن دعم أنقرة لطهران.
أما مصر، ورغم المساعدات السعودية التي تتلقاها، إلا أن الأخيرة لم ترغب بالانضمام إلى التكتل المعادي لإيران، علما أنها تناصب العداء لتركيا الداعمة لقضايا الإخوان المسلمين.
وتشارك قوى أخرى، تركيا ومصر وبالطبع قطر المحاصرة من قبل السعودية، في صراع قوى معقد ومتعدد الأبعاد لا علاقة له بالانقسام الطائفي الذي يسود منطقة الشرق الأوسط.
خبراء في قضايا المنطقة أكدوا إنه في نهاية المطالف، فإن المصالح الجغرافية السياسية هي من تملي مصالح الدول في المنطقة، وليست الهوية الطائفية، رغم أن تلك الدول قد تستغل هذا الخطاب الطائفي تماما كما تفعل السعودية.
هذا الاختلاف في الرؤى، يسلط الضوء مرة أخرى على حقيقة أن أي تفكير في تكتل سني مشترك تتزعمه الرياض، لمجابهة القوة الإيرانية في المنطقة هو أمر وهمي لا يمكن تحقيقه.