تقرير محمد البدري
تمتد الأزمة الخليجية إلى شمال القارة الأفريقية وبوابتها. تعتبر الخلافات الأخيرة بين السودان ومصر، بحسب مراقبين لها، نتيجة حتمية للاصطفافات السياسية والعسكرية التي أنتجتها تلك الأزمة، من دون استبعاد تأثير الأزمات الداخلية على نتائجها.
قوات مصرية كانت وصلت إلى إريتريا، الواقعة على الحدود مع شرق السودان، بدعم من الإمارات، في 4 يناير / كانون الثاني 2018. في اليوم ذاته، استدعى السودان سفيره من القاهرة، ثم أعلن بعد يومين حالة الطوارئ في ولاية كسلا، القريبة من إريتريا، وأغلق الحدود. سبق هذا التوتر العسكري وصول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الخرطوم، وتوقيعه لـ13 اتفاقية بما في ذلك اتفاقات عسكرية، سلمت ضمنها الحكومة السودانية جزيرة سواكن على البحر الأحمر لتركيا.
تتوزع أسباب الخلاف السوداني – المصري بين الصعد العسكرية والإقتصادية والجغرافية. اتهمت الخرطوم القاهرة بدعم المتمردين في دارفور، الأمر الذي نفته السلطات المصرية، في حين يشكل مثلث حلايب في شمال السودان، والذي تديره مصر، حلقة نزاعٍ بين الطرفين، إذ تعتبره الخرطوم أراضٍ سودانية، وتعمد مؤخراً مع التحرك المصري إلى وضع قواتها على أهبة الاستعداد مؤخراً على الحدود مصر، معتبرةً أن جيش الأخيرة يستفز جيشها في المنطقة المتنازع عليها.
أما سد النهضة الاثيوبي، الذي يجري بناؤه بالقرب من الحدود بين إثيوبيا والسودان، فيشكل وفق ما تقوله القاهرة خطراً على إمدادت المياه لديها، في حين يرى المراقبون أن الخلاف الدبلوماسي المصري السوداني يُعقّد مهمة التعامل مع موضوع سد النهضة، إذ تدعم الخرطوم بناء السد، فيما تعتبره القاهرة “مسألة حياة أو موت”.
وتستبعد أوساطٌ إعلامية وسياسية أن يتطور الخلاف السوداني – المصري إلى مواجهةٍ عسكرية، نظراً إلى الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يمر بها البلدان، في وقتٍ يحاول فيه كلا الطرفان، وفق المراقبين، خلق عدو وهمي عبر توجيه الانتباه بعيداً عن الأزمات الداخلية الاقتصادية والأمنية، لا سيما وأن الانتخابات الرئاسية المصرية باتت على الأبواب، في وقتٍ لا يزال فيه شبح الانقلابات يخيّم على كرسي حكم الرئيس السوداني عمر البشير.