أحرق المشاركون في مسيرات العودة في غزة صور الملك سلمان وولي عهده. يختصر هذا المشهدٌ حقيقة التموضع السعودي الذي لم يخفه محمد بن سلمان مؤخراً باعترافه بإسرائيل.
تقرير: محمد البردي
لم تغطِّ سحب الدخان هذا المشهد، فصُوَر الملك سلمان وولي عهده تُحرق وسط قطاع غزة. يرى الفلسطينيون العدو بوضوح تامٍ، إذ أن اسرائيل ليست وحدها في المشهد، فالسعودية ايضاً هي من وضعت نفسها في الطرف المواجه، للشعب الفلسطيني وقضيته.
المصالح المشتركة التي تتقاسمها السعودية مع كيان الاحتلال، وفق ما صرّح به إبن سلمان مؤخرًا لمجلة “أتلانتيك” الأميركية، تتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني، التي زعم ابن سلمان حرصه عليها. باتت الرياض في عداء شبه كامل للقضية الفلسطينية.
في الظاهر، لا يبدو التقارب السعودي الإسرائيلي الذي يقوده ابن سلمان كضريبةٍ لوصول الأخير إلى الحكم. اختار ولي العهد، انطلاقًا من السياسات التي رسمها لحكمه، بكامل إرادته التحالف مع إسرائيل لمواجهة إيران ومحور المقاومة. لم يكن الأمر إكراهًا او ابتزازًا، لا سيما وأن سياسات المملكة لم تتعارض في الجوهر والمضمون يومًا مع إسرائيل قبل وصول ابن سلمان الى الحكم.
لكن المتغير الآن هو أن التحالف السعودي الإسرائيلي غير المباشر في المنطقة أو غير العلني دفعته الظروف إلى العلن، في ظلّ الصعود الذي شهده محور المقاومة من لبنان إلى سوريا فالعراق واليمن.
في تلك الحالة، تتركز مهام ابن سلمان على تجهيز الأرضية اللازمة لذلك، سياسياً إعلامياً اجتماعيًا وعسكريًا، بعد عقودٍ خلت من المزاعم التي اطلقه أسلافه في استعداء إسرائيل التي بدأت تنكشف لنظهر حقيقة آل سعود وخطورتهم على القضايا العربية بشكلٍ عام.
تقف غزة اليوم في مواجهة المشاريع الإسرائيلية التي تكاملت وتداخلت مع المشاريع السعودية، وباتَ الشعب الفلسطيني على درايةٍ تامة بالدور السعودي الذي لم يعد مخفياً على أحد.
في المحصلة، تقف الرياض على مشارفِ هاوية في حالِ فشل الصفقات المبرمة، والتي تلوح بشائر فشلها في الأفق، إذ أن العودة إلى الوراء غير ممكنة مع تفلّت المواقف، كما أن الاستمرار من دون نتائج ستضع النظام السعودي على فوهة بركانٍ شعبي داخلي وخارجي، ممكن أن يطيح به، إذا ما رفع الغطاء الأميركي، مع انتفاء الحاجة.