نبأ.نت – تقرير : جميل السلمان
تشهد منطقة الشرق الاوسط نذر تصعيد أميركي غربي غير مسبوق منذ سنوات تجاه الوضع في سوريا، أملته الهزيمة المنكرة التي منيت بها أدوات المشروع الاميركي في آخر معاقلها في “خاصرة” دمشق الشرقية، وهو ما دفع إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى استغلال مزاعم وفبركات استخدام سلاح كيميائي في الغوطة الشرقية لدمشق، والدفع بأساطيلها الحربية الى شرقي البحر المتوسط تحضيرا لعدوان عسكري قد تشنه على سوريا. وقد سربت مصادر واشنطن أن هذا العدوان قد يركز على ضرب المطارات العسكرية على مساحة الاراضي السورية .
التصعيد الاميركي الغربي الذي شكل الكيان الاسرائيلي رأس حربته من خلال عدوانه الاخير على مطار التيفور في ريف حمص والمدعوم سعوديا . ووجه بأعلى درجات “الاستنفار والجهوزية” من المحور المقابل، حيث سارعت موسكو إلى إرسال موفد الى طهران لتنسيق الرد على الجبهة السورية، بدورها، بادرت طهران الى إيفاد مسؤول رفيع المستوى الى العاصمة السورية هو مستشار مرشد الثورة الاسلامية علي اكبر ولايتي لتنسيق الموقف مع القيادة السورية في سبل الرد على التصعيد الاميركي.
على أن المواجهة السياسية الاولى بين المحورين كانت ساحتها ليل الثلاثاء، في أروقة مجلس الامن الدولي حيث أسفرت جلسته الطارئة عن “توازن ردع” متبادل بين موسكو وواشنطن في استخدام حق النقض الفيتو على قرارات تتعلق بطريقة التحقق من مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية،حيث سقط مشروع القرار الاميركي بفيتو روسي، وسقط مشروع القرار الروسي بفيتو اميركي. وقد اعتبر مندوب سوريا لدى الامم المتحدة بشار الجعفري في كلمة له خلال الجلسة أن جلسة مجلس الامن والنتيجة التي انتهت اليها بشأن الفيتو، كانت مجرد غطاء اميركي لتبرير شن عدوان عسكري على سوريا .
وفي تفاصيل جلسة مجلس الامن ، استخدمت روسيا حق الفيتو ضد مشروع قرار أمريكي حول تشكيل آلية خاصة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية بمدينة دوما السورية.
بالمقابل صوتت واشنطن وباريس ولندن و٤ دول اخرى ضد مشروع القرار الروسي الذي ينص على آلية مستقلة للتحقق من مزاعم استخدم السلاح الكيميائي في سوريا، وبذلك لم يتم اعتماده.
مندوب روسيا، فاسيلي نيبينزيا اتهم الوفد الأميركي في مجلس الأمن، بـ”محاولة تضليل المجتمع الدولي”. ورأى فاسيلي نيبينزيا أن “المشروع الأميركي يتضمن كل أوجه القصور في آليات التحقيق المشتركة السابقة حول الكيميائي في سوريا”.
كما أوضح أنه “لم يتم العثور على أي آثار لاستخدام السلاح الكيميائي في دوما السورية”، مضيفاً “الأميركيون يعلمون رفضنا لمشروع قرارهم ويصرون على تقديمه، ونحن نستخدم الفيتو، لحماية السلم والأمن الدوليين”، معتبراً أن ” الدخول في مغامرة عسكرية سيكون له تبعات خطيرة”.
مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي قالت في جلسة مجلس الأمن بشأن التصويت على 3 مشاريع بشأن التحقيق بهجمات الكيميائي في سوريا، إنه يجب إنهاء هذه “الهجمات الوحشية” التي يتعرض لها المدنيون في مدينة دوما، على حد تعبيرها.
وأعلن المندوب الصيني لدى مجلس الأمن ما تشاو شيو، في كلمة له خلال الجلسة أن “الصين تدعم إجراء تحقيق موضوعي ومستقل حول استخدام الأسلحة الكيميائي في سوريا “.كما أكد على ” أهمية الحل السياسي للأزمة السورية”، مشدداً على رفض “التهديد باستخدام القوة لحل النزاعات الدولية “.
من جهته، أفاد مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة ديلاتر، بأن استخدام السلاح الكيمياوي أمر مروع للغاية ويهدد النظام الدولي وله تبعات خطيرة، زاعماً أن دمشق “لم تلتزم بتعهداتها وتواصل استخدام الأسلحة الكيمياوية” . ورأى ديلاتر بأنه سيتم بذل كل الجهود لوقف “سياسة الإفلات” من العقاب ولن نقبل أي آلية غير مستقلة.
بدورها اعتبرت المندوبة البريطانية الدائمة لدى مجلس الأمن، كارن بيرس أن “روسيا ليست مخولة للقيام بتحقيق في سوريا، بشأن السلاح الكيميائي باسم مجلس الأمن”، داعيةً إلى “آلية تحقيق مستقلة”.
موفد روسي في طهران
في هذه الاثناء، بحث المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف خلال زيارة مفاجئة الى طهران الثلاثاء التهديدات الغربية بشن عدوان عسكري على سوريا، كما افادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ارنا).وقالت الوكالة ان لافرنتييف أجرى محادثات معمقة حول الوضع في سوريا مع الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني ومسؤولين آخرين. واضافت ان المحادثات تناولت خصوصا “تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتدخل عسكريا” في سوريا.
من جهة ثانية، نقلت ارنا عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي بدأ الثلاثاء زيارة الى البرازيل تنديده بالتهديدات الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا. وقال ظريف “يبدو ان الحكومة الأميركية تبحث عن ذريعة للتدخل في سوريا”.وأكد الوزير الايراني ان التهديدات الاميركية، شأنها شأن الغارة الجوية التي استهدفت مطارا عسكريا في سوريا هذا الاسبوع، هدفها الحد من المكاسب الميدانية التي احرزها الجيش السوري اخيرا.
إلى ذلك، انضمت السعودية الى جوقة التحريض على شن عدوان عسكري على سوريا وأنها قد تشارك في هذا العدوان، وفي هذا السياق ،أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن “الرياض تستشير حلفاءها حول كيفية الرد على الهجوم الكيميائي المفترض أن الجيش السوري شنه، دون أن يستبعد التحرك العسكري”، وقال”موقفنا هو أن هؤلاء المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية يجب أن يحاسبوا ويمثلوا أمام العدالة”.ولفت إلى ان “هناك مشاورات تجري مع عدد من البلدان بالنسبة إلى الخطوات التي يجب اتخاذها للتعامل مع القضية”.
وردا على سؤال عما إذا كانت السعودية ستشارك في أي عمل عسكري عقابي ضد دمشق، قال الجبير: “كل ما أستطيع قوله هو إن هناك نقاشات حول الخيارات المتوفرة للتعامل مع الأمر”.