تظهر خيبة الأمل السعودية سورياً واضحة من محاولات وزير الخارجية السعودية عادل الجبير والذي تحدث عن استعداد بلاده لارسال قوات عسكرية إلى سوريا بالتنسيق مع واشنطن. وكشف موقع “ذا إكسربس” الإلكتروني البريطاني نقلاً عن مصادر مطلعة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن تلعب السعودية دوراً عسكرياً أكبر في المنطقة، خصوصا في مواجهة إيران.
تقرير عاطف محمد
لم تمض ساعات على انتهاء العدوان الثلاثي على سوريا فجر يوم السبت 14 أبريل / نيسان 2018، حتى صدرت بيانات التأييد والمباركة من عواصم اقليمية وخليجية ومنها بيان الخارجية السعودية، لكن حديث الوزير عادل الجبير، يوم الثلاثاء 17 أبريل / نيسان، عن عروض سعودبة لإرسال قوات عسكرية إلى سوريا يعكس مقدار الخيبة التي تعيشها الرياض بعد ضياع استثمارها هناك، وخذلان إدارة ترامب لها.
على مدى السنوات السبع الماضية، حاولت الرياض جاهدة الاستثمار بدعم الجماعات الإرهابية لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. تعاين المملكة اليوم الأضرار بعد خسارتها لآخر معاقلها المسلحة بالقرب من دمشق، بعد انهزام “جيش الإسلام” الذي كانت تموله، إصافة إلى ترقبها صعود نجم الخصم التركي في شمال سوريا والذي بات يسيطر على مناطق واسعة بحجة محاربة الكرد.
تتهم الرياض في كل بياناتها المجتمع الدولي بالتقاعس في اتخاذ إجراءات صارمة ضد سوريا. يعكس هذا “التقاعس” خيبة أملها المزمنة هناك، كون الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خذلها في سبتمبر / أيلول 2013 بعد فيلم الكيماوي الأول، وترامب يعيد الكرّة اليوم على ما يبدو.
بالنسبة إلى السعودية، كان فصيل “جيش الإسلام”، الذي أسسه زهران علوش، يمثل استثماراً سعودياً قديماً منذ عهد أبيه عبد الله علوش، الذي رعى أدلجة سكان دوما والغوطة الشرقية لدمشق بالعقيدة الوهابية السعودية، فهو الذي قضى عمره في جامعات السعوديين ومدارسها وكان ابنه زهران على خطاه.
بعد العدوان الثلاثي على دمشق، تعزّزت فكرة مفادها أن السعوديين والصهاينة لا يزالون يراهنون على تفكيك تحالف روسيا – إيران – سوريا الذي حقّق الكثير من الانتصارات. وفي هذا الإطار، كشف موقع “ذا إكسربس” البريطاني، نقلاً عن مصادر مطلعة، حديثاً لترامب مع مستشاريه السياسيين والعسكريين، الذين حذروه من الانسحاب من سوريا، وأشار الموقع إلى أن ترامب يريد أن تلعب السعودية “دورا عسكريا أكبر في المنطقة، خصوصا في مواجهة إيران”، العدوة اللدودة للمملكة وللولايات المتحدة.
وعلى الرغم من غرقها في مستنقع اليمن، تحاول السعودية تصدير صورة القوة إلى العالم، كما يحاول ترامب، الساعي إلى سحب قواة بلاده من سوريا، ملئ الفراغ هناك بقوات حليفته. وعلى أرض الواقع، لا يبدو كلام الجبير قابلاً للتطبيق إنما يمثل، بحسب مراقبين، محاولات متجددة للبقاء على مسافة قريبة من كل الأطراف الفاعلة سورياً قبيل عودة المفاوضات السياسية، حيث لم يبق للسعودية ما تضغط به على سوريا سوى أفلام مفبركة لهجمات كيماوية صارت من الماضي.