الإبتزاز المالي والعسكري، الذي تمارسه واشنطن مع الدول الخليجية وعلى رأسها الرياض، والذي تمثل مؤخرًا بدعوتها تلك الدول لإرسال قواتها إلى سوريا وتغطية تكاليفها مقابل استمرار الحماية، يكشف هذا الابتزاز أن أزمة على الصعيدين الشعبي والمالي قادمة سببها اعتماد أنظمة تلك على الدول على واشنطن لا على شعوبها.
تقرير: محمد البدري
رسم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خريطة طريق ومنهاج عمل للدول الخليجية، وذلك في التصريحات التي أدلى بها أثناء مُؤتَمرِه الصِّحافي الذي عَقده مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم 25 أبريل / نيسان 2018، الذي ركّز فيه على دول الخليج ومستقبَل قواته الموجودة في سوريا.
يأتي تَركيز ترامب على أنّ بعض دول الشّرق الأوسط لن تصمد أُسبوعا من دون الحماية الأميركيّة، في إشارة إلى الدول الخليجية، وفق مراقبين للعلاقة الخليجية الأميركية، يأتي ضمن سياسية التلويح بالعصا، لا سيما وأنه ترافق مع مطالبته تلك الدول بدفع تكاليف الوجود العسكري في سوريا، إلى جانب إرسال قوات عسكرية لها.
كما يأتي تهديد ترامب للدّول الخليجيّة بأنّ أنظمة الحكم فيها لن تصمد أُسبوعا من دون الحِماية الأميركيّة بهَدف تحذيرها من رفض خطَّته الجَديدة التي تطالبها بإرسال قوات إلى شرق الفُرات في سوريا، وتغطية نفقات القوات الأميركية الرمزيّة التي ستبقى هُناك.
وسارع عادل الجبير، وزير الخارجيّة السُّعودية، إلى وضع قطر في الواجهة، معتبراً أنه على الأخيرة قطر أن تدفع ثمن وجود القُوّات الأميركيّة في سوريا، وطالبها بأن تبادر إلى إرسال قوّاتها إلى هناك. ويأتي كلام الجبير، بحسب مراقبين للأزمة الخليحية، كاستغلال لوجود القاعدة الأميركيّة في قطر، مما يجعلها ورقة مُساومة قَويّة في يد واشنطن للضَّغط على الدوحة، في ظل الأزمة الخليجيّة الحاليّة.
يشي الإبتزاز المادي والبشري، الذي تمارسه واشنطن مع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، بأن واشنطن تتعامل مع أنظمة تلك الدول كـ”محميات أميركية” يجب أن تدفع ثمن حمايتها، في حين يشير المراقبون للعلاقة الخليجية الأميركية إلى أن هذا الابتزاز سيؤدي إلى إفلاس تلك الدول وانهيارها كـ”دول ريعيّة”، وهو ما سينتج عنه انهيار الاستقرار الداخلي، القائم على النظام الريعي، وتحرك الشعوب بوجه الأنظمة.
وفي هذه الحالة، فإن الحماية الأميركية التي يتحدث عنها ترامب ستعطي نتائِج عكسيّة وترتد سَلبًا على معظم دول الخليج، إذ أن فوائدها ستكون في اتجاه الخزانة الأميركيّة فقط، فيما ستقع الأنظمة بين سندان الأزمة الإقتصادية ومطرقة السخط الشعبي.