في الوقت الذي يقدم فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نفسه كمدافعٍ عن المرأة فإنه يعتقل المطالبين بحقوقها، إلى جانب اعتقاله نشطاء آخرين يعملون في مجال الحريات العامة ومواجهة التطبيع مع كيان الاحتلال، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”، التي تؤكد أن مزاعم الانفتاح لدى ابن سلمان مرتبطة بمصالح السلطة الضيقة لا الشعب.
محمد البدري
“حالة من الذهول أصابت المجتمع السعودي عقب حملة التخوين التي استهدفت عدداً من النشطاء والناشطات ممن اعتقلوا مؤخراً”، هذا ما أكدت عليه صحيفة “واشنطن بوست” في تعليقها على حملة الاعتقالات الأخيرة في المملكة.
تؤكد الاعتقالات، وفق الصحيفة، نهجاً جديداً دأب عليه ولي العهد السعودي خلال عام 2017، وذلك في إطار سعيه إلى تعزيز سلطاته، فقد احتجز عشرات المعارضين، ومن ضمنهم نشطاء في مجال حقوق الإنسان ورجال دين ورجال أعمال وأمراء.
وبحسب الصحيفة، فإنه في موجة الاعتقالات السابقة تُركت تفاصيل الاعتقالات وأسماء المسجونين غامضة، حيث قال المسؤولون إنهم اضطروا إلى احترام خصوصية المتهمين، بحسب زعمهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالنشطاء والناشطات فالأمر مختلف.
استهدفت حملة القمع غير العادية التي تقودها السلطات أبرز المدافعات عن حقوق المرأة في السعودية، ونشطاء سبق لهم أن قادوا حملات احتجاجات للسماح للمرأة بالقيادة منذ عقود وسُجنوا بسببها. تصف الصحيفة الاعتقالات الأخيرة بأنها “محيرة” من ناحية توقيتها، إذ جرت قبل أسابيع من موعد رفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة.
إلا أن الأكثر حيرة الذي أصاب السعوديين بالذهول هو خطورة الاتهامات التي وجهت إلى المعتقلين، والهجمات الشخصية التي استهدفتهم، بعد توزيع صورهم على وسائل الإعلام الحكومية. وتؤكد حملة التشويه التي تمارسها السلطات السعودية بحق النشطاء، وفقاُ لمراقبين لحملات الاعتقال منذ سبتمبر / أيلول 2017، أن هناك سياسة لتأليب المجتمع عليهم، إذ رافقت حملة الاعتقالات الأخيرة اتهامات تخوين وتهديد ووعيد بالعقاب.
تشدد كريستين سميث ديون، الباحثة في “معهد دول الخليج العربي” في واشنطن، على أن الاعتقالات كانت “موجهة إلى كل من يحاول أن يرفع صوته”، معتبرةً أنها “محاولة لتأديب النشطاء وإبقائهم ضمن توجه السلطة”.
أي تغيير يجب أن يأتي من السلطة، هذا ما تبرهنه سياسات ابن سلمان، وليس عبر المطالبات والإحتجاجات والحملات الشعبية والحقوقية، لأن الأخيرة تعزز مبدأ الحريات وتؤسس لمرحلة يحق فيها للشعب التعبير عن آرائه ومتطلباته، الأمر الذي يتعارض بشكل كامل مع توجهات العائلة الحاكمة في السعودية، ويهدد وجودها القائم على قمع الحريات الفردية والجماعية.