السعودية / نبأ – انتقدت مجلة “ذا أتلانتك” الأميركية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد حملة الاعتقالات الأخيرة في السعودية التي شملت نشطاء سعوديين وصل عددهم حتى الآن إلى 13 شخصاً، “جرى اعتقالهم على دفعات بالرغم من رفع النظام الجديد لشعارات الحقوق والحريات والإصلاحات الاقتصادية والإجتماعية في السعودية”.
واعتبر سايمون هندرسون، مدير “برنامج الطاقة والخليج” في “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، في مقال نشرته المجلة، أن “اعتقال المدافعات عن حقوق المرأة في السعودية يثير شكوكاً حول أجندة الإصلاحات التي يبالغ ابن سلمان في التسويق لها والحديث عنها”، لافتاً الانتباه إلى أن “السعودية تكتسب من حملة العلاقاتالعامة التي انطلقت منذ أشهر، إذ يعمل ابن سلمان قائد المستقبل الجذاب على إغراء العالم برؤيته العصرية التي سمحت بالكثير من المحظورات سابقاً كالسماح للنساء بالقيادة وحضور المباريات الرياضية وافتتاح دور سينما”.
لكن، بحسب هندرسون، “كل اصلاحات ابن سلمان المزعومة انهارت في نهار واحد، بعد اعتقال الناشطات اللواتي طالبن بتغيير نظام الولاية التي يمارسها الرجل على المرأة وشاركن في حملات سابقة للحصول على حق القيادة، ومن بين تلك النسوة المعتقلات لجين الهذلول، التي التقطت صورة لها في عام 2016 في قمة الشباب العالمي مع ميغان ماركل، التي تزوجت السبت (19 مايو / أيار 2018) الأمير هاري من العائلة البريطانية المالكة”.
وتعليقاً على التناقض الذي يسود النظام السعودي، يتساءل هندرسون بقوله: ما الذي يحدث في (المملكة)؟”، مضيفاً “لقد شرع ولي العهد في منع التظاهرات الشعبية المطالبة بتغييرات اجتماعية وسياسية أخرى، هذا وأكد أنه على الرغم من أن اسمه لم يرتبط مباشرة في الاعتقالات الا أن ما جرى هو أحد أساليبه”.
ولفت الانتباه إلى أن “السعوديين عادةً ما يقارنون ولي العهد بالرئيس العراقي السابق الذي تم إعدامه صدام حسين، وأنهم عادةً ما يشيرون إلى “صدام الجيد”، الذي قاد هو الآخر عندما كان نائباً للرئيس حملة إصلاحات وتحديث واسعة في السبعينات من القرن الماضي، لكنه أصبح محلاً للرهبة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي”.
ويورد هندرسون إحدى قصص ابن سلمان حين كان مراهقاً، وهي “قصة الرصاصة”: “عندما كان ابن سلمان في سن الـ22 عاماً، كان يريد أن يبدأ في تجارته الخاصة، وطلب من قاض أن يوقع له على عقد، لكنه رفض نظراً إلى وجود مشكلة في العقد، وتقول القصة إن ابن سلمان أخرج من جيبه رصاصة ووضعها على الطاولة، وقال للقاضي: إما أن توقع وإما تكون هذه الرصاصة من نصيبك، ووقع القاضي العقد، لكنه اشتكى للملك عبدالله، الذي منع محمد بن سلمان من الاقتراب من الديوان الملكي”.
ويردف هندرسون قائلاً: “قصصاً كهذه عن ابن سلمان العصبي المزاج، تشير إلى أنه يريد إعادة بناء (المملكة) لكنه متعجل، وربما اعتقد الأمير أن حركة التغيير التي بدأها خرجت عن سيطرته، أو ربما اكتشف أنه تحرك بسرعة بشكل أقلق النخبة القديمة التي يجب استرضاؤها، وربما نصحه والده، أو طلب منه نصحه، أن يبطئ عجلة التغيير”.
يرى هندرسون أنه “هناك إمكانية بأن يكون محمد بن سلمان يواجه معارضة قوية، كما ظهر في القمة العربية الشهر الماضي، التي انعقدت في مدينة الظهران، وركزت على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس”، معتبراً أن “ذلك لا يدعو للدهشة إلا لابن سلمان نفسه الذي حضر القمة في دور المساعد لوالده، وكان لا يزال عائداً من جولة استمرت ثلاث أسابيع في الولايات المتحدة، حيث بدا وكأنه محل اهتمام رجال الأعمال وقادة المجتمع اليهودي الأميركي، فيما قيل إنه تحدث هم بأن القضية الفلسطينية ليست من بين 100 قضية تشغل بال السعوديين”، وهو حديث “جعل الكثير من الحاضرين اليهود يسقطون عن مقاعدهم”.
وينوه هندرسون إلى أن “من قابلوا ابن سلمان قالوا إنه يشبه (الرئيس الأميركي الأسبق) بيل كلينتون، الذي كان يحبذ إرضاء حتى من لا يتفقون معه، لكنه لم يكن يغير موقفه، وهذا أمر مؤسف، لأنه أصبح (ابن سلمان) معروفاً باتخاذ قرارات سيئة، وكان من بينها اعتقاله لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري العام الماضي، وحرب اليمن، وحصار قطر، واعتقال 400 من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بذريعة مكافحة الفساد، بالإضافة إلى أن خطة التغيير (رؤية 2030) تسير بخطى بطيئة مثل الحلزون، والخطة الرئيسية لبيع حصص من شركة النفط (أرامكو) يتم تأجيلها طيلة الوقت، في وقت تظهر فيه القصص عن حياته الباذخة”.
يبدو أن ابن سلمان “غير مهتم البتّة بالتغيير في البلاد”، فـ”السعودية اليوم لا تختلف عن تلك التي بالأمس حيث جرى اعتقال ناشطات طالبن بقيادة السيارة عام 1990 في الرياض، وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن يقدّم ابن سلمان جيلاً جديداً ويُبادر بإصلاحات حقيقية ظهر أنه خيّب آمال العالم أجمع بإثارة الشكوك حول تنفيذ ما يدعو له”، يختتم هندرسن مقاله الذي نشره بالعربية موقع “مرآة الجزيرة” الإلكتروني.