تلقت كل من أبو ظبي والرياض إشارات عديدة من واشنطن، تؤكد رفض الأخيرة دعم أي معركةٍ عسكرية في مدينة الحديدة اليمنية. فللولايات المتحدة حساباتها الخاصة غير الإنسانية طبعًا مهما تذرعت بها، في حين تصطدم الإمارات والقوات الموالية لها، بصمود الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” والرفض الدولي الجامع للعملية.
تقرير: محمد البدري
وضع الموقف أميركي والأممي والتعثر الميداني كلأً من السعودية والإمارات والقوات الموالية لهما في مثلث لا مخرج منه، عسكرياً وسياسياً وإنسانياً، بما يخص هجومها على مدينة الحُديدة في الساحل الغربي لليمن.
وبعد أكثر من أسبوعين على احتدام المعارك قرب مدينة الحديدة، تلقى تحالف العدوان السعودي، إشارات تشي بتوقف المعركة للسيطرة على المدينة ومينائها قبل أن تبدأ.
في الوقت الذي ترفض فيه الولايات المتحدة العملية العسكرية في الحديدة، تؤكد الإمارات أنّها لن تخوض المعركة من دون دعم أميركي مباشر، في موقفين يؤكدان أن المعركة أميركية بامتياز، كما سبق وأكد قائد حركة “أنصار الله”، السيد عبدالملك الحوثي، خلال شهر مايو / أيار 2018، فضلاً عن كون واشنطن، الحليف الرئيسي لتحالف العدوان، الذي يزوده بالطائرات المقاتلة والوقود والأسلحة، والدعم الاستخباري.
جددت واشنطن رفضها العمليات العسكرية في المدينة، وخصّت الإمارات هذه المرة، على لسان متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، بالقول، إن “واشنطن تعارض أي جهود من جانب الإمارات والقوات اليمنية التي تساندها للسيطرة على المدينة»، مؤكداً أن «واشنطن لن تدعم أي أعمال ستؤدي إلى التدمير أو لمزيد من التدهور في الوضع الإنساني في المدينة”.
تتذرع واشنطن بالنتائج الإنسانية للمعركة، وهو ما يعتبر بعيداً عن واقع التفكير الأميركي لا سيما في الشأن اليمني، إلا أن موقفها جاء بمثابة رد على طلب السعودية والإمارات تقديم مساعدة عسكرية مباشرة في الحُديدة، ولها في ذلك حسابات وترتيبات خاصة بها.
من دون دعم أميركي مباشر، لن تجازف أبوظبي والرياض بتنفيذ عملية في الحُديدة، الأمر الذي بات واضحاً استناداً لنداءات النجدة الإماراتية، التي تقابلها واشنطن بتروٍّ خوفًا من أي انزلاقة عسكرية في الوحل اليمني.
وانعكس التخبط الحاصل بين قوى العدوان من جهة وواشنطن من جهةٍ أخرى، تراجعاً عسكرياً للإمارات والقوات الموالية لها، إذ تمكنت قوات الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في الأيام الأخيرة من قلب موازين المعركة، فيما زعم تحالف العدوان أن بطء وتيرة المعارك، يعود إلى تأمين الخطوط الخلفية، وكثافة الألغام، والدفع بتعزيزات كبيرة تمهيداً لمعركة كبرى في المدينة.