نبأ.نت- تقرير : جميل السلمان
خرج اللقاء الرباعي الذي عقد في مكة المكرمة، برعاية الملك السعودي سلمان آل سعود، وحضور نظيره الاردني عبد الله الثاني، وأمير الكويت جابر الاحمد الصباح ، ومحمد بن راشد نائب رئيس الامارات، برزمة مساعدات اقتصادية للاردن تصل قيمتها الى نحو ملياري دولار، ستمكن عمان من الخروج من الازمة الاقتصادية التي فجرت “ثورة شعبية” في الشارع ضد سياسة الملك. لكن قبل هذه النتيجة هناك العديد من التساؤلات الكبرى لدى المراقبين، عن الهدف من هذا اللقاء والنتائج السياسية من ورائه، فباعتراف الصحافة الغربية فإن الرياض تقف خلف تفجر الازمة الاقتصادية في الاردن بعد إغلاقها نافذة المساعدات الاقتصادية لعمان، فهل دفع الملك الاردني ثمنا سياسيا لقاء المساعدات التي حصل عليها؟ وخصوصا في قضية “صفقة القرن” .أم أن “حاكم الرياض” محمد بن سلمان خشي من أن يؤدي اهتزاز الاستقرار في الاردن الى الارتداد على أمن المملكة؟، وخصوصا على ملف الحدود السعودية -الاردنية، أم هي الخشية السعودية من ذهاب الاردن بعيدا في تحالفات اقليمية تزعج حكام المملكة؟ .
قبل الحكم على نتائج قمة مكة وما قد تكون قد حوته من بنود وتعهدات سرية، فإن المراقبين يتوقفون أولا عند مآخذ حكام الرياض على ملك الاردن وسياساته خلال العامين الاخيرين ومنها:
أولا : رفض الملك الاردني مبكرا لصفقة القرن التي صاغها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصهر الرئيس الاميركي جاريد كوشنير، لأنه اسشعر ضرب “الدورالتاريخي للملكة الهاشمية في رعاية ملف الاماكن المقدسة في القدس المحتلة”.
ثانيا : ربطا بالملف الاول، لمست الرياض ابتعاد عمان عن السياسات الاقليمية السعودية، وانفتاحها على علاقة مع انقرة التي تتحسس منها الرياض بشكل كبير، اضافة الى حضورالملك الاردني قمة الدول الاسلامية في انقرة الشهر الماضي، ومصافحته الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني، وهو ما كانت له دلالات كبيرة.
ثالثا : لم ينساق الملك الاردني في تحالف العدوان السعودي على اليمن ونأى بنفسه عنه، ولم يرسل جنديا واحدا خدمة لآل سعود في عدوانهم على الشعب اليمني .
رابعا : لم ينحاز الاردن الى جانب السعودية ودول الحصار ضد قطر، وبقي في منطقة رمادية من هذه الازمة وهو ما أزعج الرياض كثيرا.
كل هذه الاسباب دفعت الرياض الى “هز العرش الهاشمي في عمان” عبر افتعال الازمة الاقتصادية،وصولا الى خروج الشارع الاردني بتظاهرات واسعة ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، لكن هل ذهب الملك الاردني الى مكة في حالة استسلام ؟، أم أنه كان يحمل أوراق قوة في جعبته ؟ .
يرى المراقبون أنه رغم تضييق الخناق السعودي على عنق الملك الاردني لكن الاخير على دراية أن اهتزاز الاستقرار في الاردن سينعكس سلبا وبلا أدنى شك على السعودية وهو ما تدركه الرياض :
أولا: من خلال تراجع الامساك بملف الحدود وهو ملف حساس للرياض . وهنا وجدت الرباض مصلحة لها بعدم ذهاب الفوضى في الاردن الى مستوى لا يمكن السيطرة عليه .
ثانيا : وجدت الرياض أن استمرار الضغط على عمان سيدفعها الى الارتماء في محور معادي لها وهي ما لا ترغب بالوصول اليه .
بالاجمال فإنه من الواضح أن نتيجة قمة مكة المكرمة سوف تؤدي الى انتشال النظام الاردني من أزمته على المدى القريب، لكن تبقى أسئلة عما اذا كان ملك الاردن قد قدم تنازلات في ملف صفقة القرن وهو مطلب سعودي امريكي مشترك. الاجابة على هذه التساؤلات ستفصح عنها الايام والاسابيع المقبلة.
نتائج قمة مكة
في الوقائع، فقد تم الاتفاق في اللقاء الرباعي في مكة المكرمة، على قيام الدول الثلاث(السعودية والكويت والامارات) بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن يصل إجمالي مبالغها إلى مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي تتمثل في : 1 – وديعة في البنك المركزي الأردني. 2 – ضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن. 3 – دعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات. 4 – تمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.
وقد أبدى الملك الاردني عبدالله الثاني شكره وتقديره للملك السعودي على “مبادرته الكريمة” بالدعوة لهذا الاجتماع، ولدولتي الكويت والإمارات اعلى تجاوبهما مع هذه الدعوة، وامتنانه الكبير للدول الثلاث على تقديم هذه الحزمة من المساعدات التي قال إنها “ستسهم في تجاوز الأردن لهذه الأزمة الاقتصادية”.