نبأ/ تساءلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، لماذا كل هذا التسامح مع النظام السعودي الذي ينتهك حقوق الإنسان، في داخل المملكة وخارجها وخاصة في اليمن ؟
سؤال طرحه -في مقال بالصحيفة – كل من الأستاذ بجامعة ساينس بو والمدير السابق لمنظمة “أطباء بلا حدود” روني برومان، والموظف السامي السابق بالخارجية الفرنسية بيير كونزا، والمتخصص بالعلوم السياسية في دول الخليج د. نبيل الناصري.
بدأ الثلاثة مقالهم بالتأكيد على أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحب أن يقدم نفسه بوصفه مطور المملكة السعودية.
فبعد فتح أبواب ملاعب كرة القدم والحفلات الموسيقية أمام النساء وبعد توقيعه للتو على مرسوم يمنح المرأة الحق في قيادة السيارة، ظن الكثير من المراقبين أن ذلك يرقى إلى مستوى “الثورة”.
لكن هيهات هيهات، فما هذه الإشادات إلا مؤشرات مثيرة للقلق تنم عن غياب نظرة نقدية لهذا البلد، كما أنها تبرز قوة ضغط اللوبي السعودي الذي يستفيد من خدمات أربع من أكبر شركات العلاقات العامة الفرنسية، حسب الكتاب الثلاثة.
نساء بالسجن
ويمضي الثلاثة بالقول “لِم لا نضع هذه الإصلاحات في حجمها الحقيقي؟ فلئن كان محورها النساء، فإن شرطة بن سلمان زجت بالعديد من الناشطات السعوديات في السجن من أمثال عائشة المانع وحصة آل الشيخ، وكلتاهما وجه تاريخي في المكافحة من أجل حقوق المرأة”.
وما قضية إيمان النفجان مؤسسة مدونة “المرأة السعودية” والمعروفة بمكافحة الوصاية الذكورية، إلا مثال آخر على اضطهاد المرأة السعودية، إذ لا تزال تقبع في مكان سري خلف القضبان مع أخريات، كما شوهت الصحافة الرسمية سمعتها ووسمتها بــ “الخائنة”.
كل ذلك -حسب هؤلاء الكتاب- يحدث كما لو أن القصر يريد أن يبعث برسالة مفادها أن التقدم الجديد لم يكن ليحدث لولا مبادرات بن سلمان ولا علاقة له بكفاح المجتمع المدني.
أما انتهاك حقوق الإنسان فحدث ولا حرج، إذ إن السعودية تأتي في صدارة منفذي أحكام الإعدام خلال عام 2017، إذا ما قورن عدد الإعدامات بعدد السكان، فنسبة الإعدامات بالمملكة حسب عدد السكان 12 ضعفا نسبتها في الصين.
وتساءل الكتاب ما إذا كان “الجلادون” السعوديون يعانون من الإرهاق بسبب كثرة العقاب البدني بالمملكة، مشيرين إلى إقدام السلطات في يونيو/حزيران 2017 على توظيف ثمانية “قطاعي رؤوس” جدد.
أما على المستوى الإقليمي، فإن الرياض -ووفقا لهؤلاء الكتاب- تلعب دورًا رائدًا في زعزعة استقرار معظم أجزاء الشرق الأوسط.
ففي اليمن مثلا، تستمر المذبحة في صمت، والبلد مهدد، بعد انتشار وباء الكوليرا، بالمجاعة نتيجة حرب أطلقها بن سلمان نفسه عندما كان وزيراً للدفاع عام 2015.
وفي هذه الظروف، تساءل هؤلاء الكتاب قائلين “كيف نفهم الصمت المريب لكثير من السياسيين ووسائل الإعلام وكيف نفهم وصفها لما يقوم به بن سلمان على أنه (ثورة) بينما كانت أفعال مثيلة ستحطم أي بلد آخر في العالم؟”.