السعودية / نبأ – لم تتأخّر السّلطاتُ في السّعوديّة في إعلان “نجاحها” الكبير بإتمام موسم الحج. في اليوم التّالي، خرج المسؤولون، وقالوا بأنّ الموسم تمّ على أكمل وجهٍ، أمنيّاً وصحيّاً.
يحقّ للمملكةِ أن تتفاخرَ في كلٍّ مرّةٍ بإنجازاتها. ولكنها مضطرّة، في كلّ مرّة أيضاً، أن تُبرِّر للعالم سبب وجود الثغرات الكبرى، والعيوب الفاحشة، في ذات الوقتِ الذي تتطايرُ فيه عبارات مدح الذات، والثناء على النفس وإنجازاتها الكبرى.
“حسبي الله ونعم الوكيل فيك”، هي الكلمةُ التي كان يملكها أحد الحجّاج وهو يردّ على اعتداء رجل أمن سعوديّ عليه أمام أهله وفي وضح النّهار.
“حسبني الله ونعم الوكيل فيك”، تُوضحُ بأنّ العقل الأمني السعودي هو الوجه الآخر للعقل الوهّابي الذي لا يعرفُ غير اللّطم على الوجوه، والصّراخ على حجّاج بيت الله الحرام. عقلٌ لا تستطيع إخفاء عاهاته بياناتُ المسؤولين ولا ديباجاتُ الإعلام الموجَّه.
المشهدُ ليس يتيماً. وتكميمُ الأفواه التي يقوم بها رجالُ الهيئة، تتجلّى في لطم الوجوه ، وهي عادةٌ اعتاد عليها رجالُ الأمن والمخابرات، ليس داخل أروقة التعذيب وغُرف التحقيق المغلقة، بل في الملأ، وأمام ضيوف الرّحمن.
بهذا المشهد، وبغيره، يُصبح من اليسير إثبات إنّ المملكةَ في حربها على الإرهاب إنما تُجرُّ إلى الوهم إلى حيث السّراب. فالحربُ.. والدّاءُ.. وسرُّ البلاءِ؛ إنما يكمن هنا، في هذه العقولِ النافرةِ المستنفِرةِ، والتي لا تراعي حرمةً لإنسانٍ، كبيرٍ أو صغير، رجلٍ أو امرأة، حاجٍ أو غير حاج. وبعد هذا المشهد، وغيره، سنفهمُ لماذا قالَ أحدهم: “في المملكة، لا تحتاج أن ترى رايةً لداعش لكي تتأكد بأنها هنا، يكفي أن ترى رجال الأمن والهيئة، وستكشف أن الدواعش في كلّ مكان”.