شهداء، جرحى، دمار، وحرائم مشتعلة، ومدرعات تطوق المكان، إنها مشهدية “حي المسوّرة” قبل عام، حين اجتاحتها فرق عسكرية من القوات السعودية، واستخدمت خلالها شتى أنواع الأسلحة الثقيلة، اليت تسببت بتحويل حي أثري إلى ركان متجمع على الأرض.
تقرير: سناء ابراهيم
قبل عام، شنت السلطات السعودية بمختلف الفرق العسكرية المدججة بالسلاح والعتاد حملة عسكرية على بلدة العوامية مصوبة أهدافها لتدمير “حي المسوّرة” الأثري الذي يعود عمره إلى 400 عام. وعلى امتداد ثلاثة أشهر دمرت الحجر وأزهقت أرواح البشر، وشردت الأهالي من منازلهم من دون أن تقدم لهم أية تعويضات كما بثت ادعاءات. حرك هول الجرائم والاجتياح مطالبات دولية متعددة، في مقدمتها الأمم المتحدة التي انتقدت اجراءات السلطات، واعتبرت ما تقوم به انتهاكات لحقوق الانسان، مطالبة الرياض برد على شكوى تقدم بها عدد من المقررين الحقوقيين.
ساقت السلطات السعودية عدداً من المزاعم في تبرير هجمتها على العوامية، محاولة تحميل الأهالي مسؤولية ما حصل من أشكال التدمير والتهجير كافة، مدعية حصول الأهالي على حقوقهم، غير أن المنظمة “الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان” اطلعت على رد السلطات على الشكوى الأممية، وفندت مزاعم الرياض استنادا إلى مصادر محلية.
“بعد مرور أكثر من عام على هدم حي المسورة: الحقائق تكشف زيف محاولات السعودية تضليل خبراء حقوقيين دوليين”، تحت هذا العنوان جاء بيان المنظمة، مشدداً على أن رد السلطة على مقرري الأمم المتحدة مضلل، واحتوى على مغالطات متعددة، مشيراً إلى أنه في حال كانت الرياض صادقة فعليها دعوة مقرري الأمم المتحدة لزيارة البلاد، من دون أي قيود أو عراقيل في زيارتهم ومن دون حجبهم عن مقابلة الأهالي أو ترهيب الأهالي من مقابلة المقررين.
وأكدت المنظمة أن السلطة “لم تقم بواجباتها كاملة في توفير سكن لائق للمواطنين الذين أجبرتهم على ترك منازلهم عنوة بواسطة العملية العسكرية التي نفذتها في العام المنصرم، بالإضافة إلى أنها لم تعوض أصحاب المحلات التجارية والسيارات التي تضررت، وأصحاب المنازل التي تضررت بأشكال متفاوتة”.
لم توفر مزاعم السلطات المنازل للأهالي ولم تؤمن بدائل سكن لهم أو تعويضات كافية، بل شنت هجمة عسكرية عليهم، حرمتهم من منازلهم وأرزاقهم، وتسببت باستشهاد أكثر من 31 شخصاً وإصابة عشرات الجرحى بينهم أطفال، فيما تم اعتقال عدد من الشبان، وسجلت حالات اختفاء كثيرة.
ولفتت “الأوروبية السعودية” إلى أن السلطة زعمت أنها “وفرت مساعدة قانونية للمعترضين على هدم الحي، والهدف من المخطط هو “تأمين حاجات المجتمع ومتطلبات السكان”، إلا أن مصادر المنظمة أكدت أن السلطة “لم توفر مساعدات قانونية، ولم تذكر للمواطنين حقوقهم وسبل الانتصاف الممكنة، ولم يتمكن المواطنون من اللجوء إلى القضاء خوفا من الإنتقام منهم في ظل عدم تمتعه بالإستقلالية. ومع عدم وجود منظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية مستقلة حرم السكان من الحصول على المساعدات، كما أثار مخاوف لديهم من التعبير عن رأيهم؛ مع استمرار السلطة برفض أي انتقاد للعملية التي قامت بها ومعاقبة كل من يتجرأ على ذلك”.