تظهر مفارقات كثيرة بين مشروع الإصلاح والتجديد الذي قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وسياسة الاعتقالات التي يقودها، ما يجعل من فكرة الحداثة التي رافقت ظهوره في الحكم تسويقاً إعلاميا لا أكثر.
تقرير: هبة العبدالله
باكراً، منذ إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن مشروعه الإصلاحي، برزت الكثير من الشكوك والمخاوف. فالمملكة تملك ماضياً مليئاً بالمفاهيم والموروثات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سيصعب على المجتمع التخلي عنها سريعاً.
لكن السريع كان التشوُّه الذي لحق بالمشروع السعودي الجديد. فلم يلبث ابن سلمان أن قدم نفسه كرجل إصلاح وتحديث سيخرج السعودية إلى عهد جديد من الانفتاح حتى ثبت أنه ليس كذلك بالفعل.
بدأت صورة ابن سلمان الحقيقية تتضح بتنفيذ السلطات سلسلة من الاعتقالات استهدفت أكاديميين ومثقفين ورجل أعمال وأمراء من الأسرة الحاكمة ورجال دين، كان الهدف الأول منها إسكات كل صوت معارض داخل المملكة.
استهدفت حملة الاعتقالات نفسها منذ أكثر من ثلاثة أشهر مجموعة من الناشطات قي مجال حقوق المرأة من بينهن عزيزة اليوسف وإيمان النفجان ولذين الهذلول، وهي أسماء برزت طوال سنوات في الدفاع عن حقوق المرأة السعودية والمطالبات بمنحها حقوقها، وقد استنفر الإعلام السعودي لمهاجمتهن والتغطية على ما حصل ضدهن.
ووفقاً لدراسة أعدها “المركز العربي في واشنطن”، فإن القرارات الاستثنائية التي خرج بها العهد الجديد بما في ذلك السماح للنساء بالقيادة، وتنظيم الحفلات المختلطة بين الجنسين، وافتتاح دور سينما ونشر خطاب اجتماعي وديني منفتح لم تصمد أمام حالة القمع الكثيف التي ينتهجها جهاز الرياض الأمني.
وبرأي الدراسة، فإن الرياض تملك مشروعاً إصلاحياً انتقائياً حيث أنه سيكون صعباً عليها تحقيق أي إصلاحات أو تغييرات أو تصريح بالحريات الفردية أو المجتمعية، طالما أنها لن تتخلى عن القاعدة التاريخية التي رافقت حكمها منذ تأسيس الدولة السعودية في عام 1932 والتي لا تبدو مستعدة لتنفيذ مشروع إصلاح واعد، أو لإنشاء هوية وطنية جديدة، والتي تتطلب في المقام الأول وجود جديد لقاعدة اجتماعية فعالة.