السعودية / نبأ – ولّد التحالف على الإرهاب مفاعيل جديدةً على مستوى صراع النفوذ في المنطقة، بما في ذلك تركيا والسعودية، واللتين كانا حريصين على ضبط إيقاع الحرب الباردة بينهما، وإلى أقصى حدّ ممكن.
وبين التنافس السعودي والتركي تحاول واشنطن إمساك العصا من وسطها، في رؤيتها أن إرضاء أنقرة اليوم – وفي ظلّ احتدام الحرب المزعومة على الإرهاب – متقدمٌ على أي استحقاق آخر. بحكم موقع أنقرة الجغرافي وقدراتها العسكرية تستطيع تركيا فعل الكثير، وعليه فلا بد من العمل على ترويض الحلفاء الممتعضين منها وفي مقدمتهم المملكة السعودية، القليل من الضغوط والمساومات والتسويات الأمريكية سيكفي على الأرجح لتذليل العقبات الملكية والأميرية، تعهد بتطوير شبكة الباتريوت السعودية التي تم تحديثها مؤخرا بما لا يقل عن مليار وسبعمئة مليون دولار أمريكي نموذج من هذه الصفقات الخائبة.
وإذا كان متوقعا نجاح الولايات المتحدة في التخفيف من حدة التنافس السعودي التركي وتجميد الخلافات بين الدولتين وكسب رضاهما ولو مرحليا، فإن مستقبل الإستراتيجية الأمريكية يبدو شائكا وخطيرا ومفتوحا على أبواب تصعيد لن تسلم منه المنطقة والعالم. إحتمالات كثيرة يمكن سوقها في هذا المجال، إحتمالات يتقدمها تحول تهديدات المعسكر المضاد إلى خطوات عملياتية وجادة تحصن معاقله من السقوط في معركة عض الأصابع الأخيرة، وإذا أضيفت إلى ذلك سيناريوهات تبدل التحالفات على أرض الواقع ودخول ما تسمى القوى المعتدلة في معارك بينية واشتعال تركيا بنيران حزب العمال الكردستاني من جديد يصبح المشهد شديد القتامة.
ثمة مغامرة حقيقية في الإقدام على أية خيارات من هذا النوع، خيارات لا تظهر مروحة بدائلها معدومة أو محدودة على الإطلاق، في مسار القضاء على داعش سبل عقلانية ومنطقية كثيرة يمكن اتباعها، المقايضات في زمن المجازر وانتظار شلالات الدماء في المزادات السياسية أبشع الحلول وأقذرها وأبعدها من الهدف.