رأت وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الأميركية أنَّ هدفَ جولةِ وليِّ العهد السعودي محمد بن سلمان الآسيوية “تلميعُ صورتِه والتغطية على جريمته باغتيال الكاتب الصحافي جمال خاشقجي لفكّ العزلة الدولية التي تحيط به، معتمداً على شراء دعم هذه الدول بالمال والاستثمارات”، مشيرة إلى أنه لن يتمكن من استبدال علاقاته مع الولايات المتحدة بتلك مع الدول الآسيوية.
وقالت الوكالة، في تقريرٍ، إنَّ ابن سلمان “يجدُ حفاوةً وضيافةً في مكانٍ بعيد عن الغرب الذي تشابكَت علاقتُه معه بسبب جريمةِ قتل ناقد وصحافيٍّ معروف”.
وأضافَت “وليَّ العهد شعر بأنه بين الأصدقاء حين دخلَت طائرتُه المجالَ الجويّ الباكستاني ورافقَها أسطولٌ من مقاتلاتِ “أف 16″ وقادَه رئيس الوزراءِ الباكستاني، الذي كان ينتظره على أرض المطار”.
وبحسب “بلومبرغ”، فإن “العلاقات السعودية مع دول آسيا تغيرت في العقد الماضي حيث حلت محل الولايات المتحدة كسوق مهم للنفط السعودي”، ولهذا، “سيتم الاحتفاء بولي العهد في كل محطة من جولته الآسيوية كما حصل مع والده الملك سلمان قبل عامين”. وتضيف “في الوقت الذي يحاول فيه الأمير محمد تحديث المملكة المحافظة ومواجهة السيادة الإيرانية في الشرق الأوسط فهو يحتاج لإصلاح علاقاته مع واشنطن وهو موضوع لا يمكن للحفاوة والصخب الآسيوي التغطية عليه”.
ونقلت الوكالة عن السفير الأمريكي السابق في دمشق، روبرت جوردان، قول:”علاقات المملكة مع آسيا تعاقدية في معظمها”، مضيفاً “ليست علاقات أمنية ولا تستطيع أي دولة آسيوية تقديم المظلة الأمنية للسعوديين حالة واجهوا تهديدا وجوديا”.
تستمر الضغوط السياسية في مجال العلاقة السعودية مع أميركا. فقبل أيام من ابن سلمان الآسيوية، “صوت مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي على قرار يوجه الرئيس دونالد ترامب بوقف كل الدعم الأميركي عن الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، وهدد عدد كبير من المشرعين في الكونغرس ومنهم جمهوريون بفرض عقوبات ضد المملكة في أعقاب مقتل وتقطيع خاشقجي على يد عملاء للحكومة السعودية في القنصلية في اسطنبول”، في الثاني من أكتوبر / تشرين أول 2018، تقول الوكالة.
وبرغم ما حظي به ولي العهد من “ثناء” على رفعه القيود الاجتماعية عن المرأة السعودية، إلا أنه انتقد بشكل واسع بسبب اعتقاله الناشطات المطالبات بحرية المرأة. وتقول مارسيل وهبة، السفيرة الأميركية السابقة في الإمارات، لـ “بلومبرغ”: “من الواضح أن العلاقات الأميركية السعودية تمر في مرحلة صعبة. ومن دون شك ستزداد في ظل سيطرة الديمقراطيين على الغالبية في مجلس النواب”. وتابعت قولها “بالطبع ستؤجل الرحلة إلى الشرق الأقصى مشاكله”، أي لابن سلمان، إلا أن “مظاهر القلق حول الحرب في اليمن وجريمة قتل خاشقجي والنساء المعتقلات لم تختف في الولايات المتحدة”.
تمنح الزيارة الآسيوية ولي العهد “فرصة لإعادة تلميع صورة ابن سلمان، وفقاً للوكالة، وكان (رئيس الوزراء الباكستاني عمران) خان واحداً من الشخصيات التي حضرت “مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، الذي عقد خلال أكتوبر / تشرين أول 2018، والتي قاطعها المسؤولون والمستثمرون الغربيون بسبب جريمة قتل خاشقجي. ودعمت باكستان السعودية في أثناء الغضب الدولي عليها”.
وسيزور ولي العهد الصين التي تعد من أكبر الشركاء التجاريين للسعودية وتفوقت على أميركا في عام 2013. فـ “الدولة الأكثر كثافة للسكان في العالم صدرت واستوردت 15 في المئة مع السعودية مقارنة مع 8 في المئة قبل عقد من الزمان. ووصلت العلاقات مستوى جديداً مع وصول الملك سلمان إلى العرش، واتفق مع الرئيس الصيني شي جينبنغ في عام 2016 على إقامة علاقة استراتيجية. وهناك مصلحة بين البلدين في مجال التجارة”، كما يقول لي غوفو، مدير “مركز دراسات الشرق الأوسط” في “المعهد الصيني للدراسات الدولية”، للوكالة. وتوسع السعودية سوقها النفطي فيما تقوم الصين بمشاريع بنية تحتية في المملكة. ويضيف غوفو “رحلة الأمير هي جاءت بسبب سوء العلاقة مع الغرب بعد مقتل خاشقجي ومن جانب آخر بسبب التحول في سياسة السعودية الخارجية إلى الشرق ومحاولة تقوية علاقاتها مع الدول الآسيوية. ولكن علاقات السعودية مع واشنطن تظل في قلب السياسة السعودية باستثناء الصين”.
وتقول “بلومبرغ”: “تقوم السعودية بحملة لتصحيح صورتها في الولايات المتحدة ويقود الجهود الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد وسفير الرياض في واشنطن. وظهر عدد من المحللين المؤيدين للسعودية على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شبكات التلفزة. وتخطط هيئة الاستثمار العامة السعودية لفتح مكتبين لها في نيويورك وسان فرنسيسكو، في إشارة إلى أن مقتل خاشقجي لم يؤثر على الاستثمار في المملكة”.
وبرأي السفيرة الأميركية السابقة في الإمارات، فإن “التوسع في العلاقات مع آسيا، خاصة الصين والهند مهمة اقتصادياً ودبلوماسياً ولكنها لا تعد بديلاً عن العلاقات مع الولايات المتحدة”.
المصدر: “القدس العربي”