أعلنت وزارة الثقافة السعودية عن إطلاق شعارها الجديد بألوانه المتنوعة والمتعددة، داعية إلى “العيش المشترك بين أبناء المجتمع وأطيافه”. ولكن يبدو أنه غاب وعي وزير الثقافة بدر بن عبد الله بن فرحان تورط النظام السعودي في أكثر القضايا إجراماً شهدها العالم، ناهيك عن اضطهاد الأبرياء والعزل سواء في داخل المملكة أم خارجها.
تقرير: محسن العلوي
ترتدي الثقافة في السعودية ووزارتها، حلة جديدة. يمثل الشعار الجديد الذي أطلقته وزارة الثقافة التنوع الديمغرافي الذي تعيشه المملكة، حيث يحوي خطوطاً ملونة على عدد المناطق المتوزعة على الجغرافية السعودية.
يظهر الأمر حدثاً بسيطاً أو خبراً يقرأ كأنه عابر وعادي. ولكن لا بد من الوقوف لحظة عند قرار الوزير بدر بن عبد الله. حول أي تنوع، وعن أي عيش مشترك يتحدث؟ فالقصة واضحة، إذ أن الخدمات الأساس موزعة على المناطق، كل حسب مذهبه وطائفته. والوظائف الرسمية محصورة بطبقات ومذاهب محددة. تقديمات مالية وخدماتية، لفئة من الشباب دون الآخرين. ليأتي بعد هذا كله شعار ملون ليضلل الشعب ونخبه.
إذا اردت ان تطاع فاطلب المستطاع، هي جملة قالها أحد الحكماء سابقاً، لتتكرر دائماً داخل الأروقة السعودية. تنطلق الرؤية الجديدة للثقافة مع شعار جديد وحملة من التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي المواكبة، ولكن تقلب قضية مقتل الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي التي لم يمر عليها عام بعد، الطاولة في وجه هذه الدعوات والقرارات، ليفقد أي تنوع أو عيش مشترك، حيث أن كل من يكتب ويقرأ ما هو ضد الجناح الحاكم في السعودية يكتب عليه القتل ولو بعد حين.
كذلك، يعاكس تماماً مشهد المعتقلين والمعتقلات، الأميرات والأمراء، ما تدعيه الوزراة. اعتقل، بالأمس القريب، عدد كبير من الامراء في فندق “ريتز كارلتون” في الرياض، وقبلها اعتقلت نساء طالبن ببعض حقوقهن، وشبان من المنطقة الشرقية، منهم معتقل ومطلوب فقط لأنهم يطالبون بأبسط حقوقهم.
أما على المسرح الإقليمي والدولي، وفي ظل دعوات سعودية لنسج علاقات مع دول واقاليم، أرى صاحبة الدعوة للعيش المشترك تشن حرباً على اليمن، وترسل الإرهابيين إلى سوريا والعراق، كما تبرم اتفاقات لشراء السلاح، وتبحث أيضاً عن مفاعل نووية على اراضيها.
تصر السعودية من خلال هذه الاستراتيجيات والإجراءات على الغرق في بحر من دم الأطفال والأبرياء والعزل، لينتفي تماماً ما تدعيه من عيش مشترك وألوان متعددة. وتؤكد هذه العناوين مبالغة وزارة الثقافة في حرصها على ازدهار المملكة بمختلف ألوان الثقافة، كما تظهر حجم الجشع لدى النظام في تشويه الحقيقة وصورتها.