فائضٌ ماليٌ قياسيٌ جديد في موازنةِ عام ألفين وأربعة عشر، وحالُ الناسِ لن يتغيّر، كما تؤكّد ذلك خيباتُ الدولة وفائضُ إحباطات الناس.
نسمعُ عن أرقامٍ ولا نرى أفعالاً، هذا لسانُ حالِ المواطنِ مع نهايةِ كل عامٍ ومع الاعلانِ عن الميزانيةِ السنوية الجديدة.
السؤالُ الدائمُ لدى المواطن بات معروفاً: ماذا تغيّرَ منذُ عامٍ وما قبله؟ وماذا سوف يتغيرُ في العام المقبل وما بعده؟ فيما لو بقيَ الفائضُ الماليُ في الموازنات السنوية على حاله. فلدينا فائضٌ تراكميٌ منذ العام ألفين وثلاثة حتى العام ألفين وإثنى عشر, يصل الى أكثرِ من تريليوني ريال..وحين نقوم بجَردٍ لمشاريع التنمية وما تمّت معالجته من مشكلات المواطنين المتمثلة في البطالة والفقر وأزمة السكن والخدمات فسوف نخرجُ بصفر, حلول.
على العكس من ذلك، لقد تحوّلت آمالُ الناسِ الى مخاوفَ تحاصرهم، لأن حالهم من سيءٍ الى أسوأ ولا جديدَ سوى المزيدِ من أعدادِ العاطلين عن العمل، والمزيدِ من غلاء الأسعار، وارتفاعِ الرسوم، وتفشي الفساد والقائمةُ تطول.
مطالبُ المواطنين معروفةٌ لمن يريد, وأبرزُها: زيادة الرواتب، خفض الأسعار، تسديد الديون، توظيف العاطلين عن العمل، حل مشكلة السكن، معالجة الفقر.
يتهكَّم المواطنون من قهرٍ ويأسٍ من صلاحِ الدولة, حتى راح بعضُهم يُذكِّر أهلَ الحكمِ بأن يستمروا في مساعدةِ الاخوةِ والاشقاءِ العربِ والأجانب، فيما طالبَ آخرون وسائل الاعلام الرسميةَ بالكفِ عن نشرِ أخبار الفوائض المالية, حتى لا يُصَابَ المواطنون بارتفاعِ الضغطِ والسكري وأمراض القلب.
لن تجد مواطناً واحداً يُعبِّرُ عن سعادتِهِ أو تفاؤلِه من موازنة العامِ المقبل. وحدها الصحفُ ووسائلُ الاعلام الرسمية سوّقتها على أنَّها بُشارة، فجاءت التعليقاتُ على خبر الموازنة لتُحِيلَه جُرحاً يتجددُ كلَ عام، حيث أفرغ المواطنون مخزونَ القهرِ المتراكمِ منذ سنين.
فلمن تُعزَفُ نغمةُ الموازنةِ وقد ملَّ الجمهورُ سماعَها، أم يرادُ تسويقُها للخارجِ حتى يقالَ بأن لدينا مالاً وفيراً نشتري به من نشاء، فصار المالُ يُغدقُ على آلةِ الحربِ المجنونةِ في سوريا وفي دعمِ الجماعاتِ المسلّحةِ، أمّا المواطنون فلهم مجردُ سماعِ رنينِ العملة, كما قرقعةِ الفناجينِ دون رؤيةِ القهوة.