السعودية / لوب لوغ – دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) – وهي المملكة العربية السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، وعمان – تشعر بالإحباط. أربع منها، وهي المملكة العربية السعودية والكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، لديها كميات هائلة من البترول. وكل هذه الدول هي ملكيات. وكلها ضعيفة عسكرياً. وبالتالي، ومنذ حتى الحرب الباردة، وحتى قبل تشكيل مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، كانت هذه الدول تنظر إلى الولايات المتحدة طلباً للحماية.
وتعتقد دول مجلس التعاون الخليجي أن لديها سببا وجيها للخوف على أمنها. حيث إن منافستها إيران تدعم بنشاط حلفاءها الشيعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبالإضافة إلى ذلك، وفي حين أن الدولة الإسلامية السنية الجهادية (داعش) هي قاسية ضد الشيعة وضد إيران، إلا أنها قد تشكل تهديداً أمنياً قريباً بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، أيضاً إذا لم يتم احتواؤها.
وتخاف دول مجلس التعاون الخليجي كذلك من أن التزام واشنطن بأمنها لم يعد قوياً كما كان في الماضي. وقد تفاقمت هذه المخاوف بعد سحب إدارة أوباما القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، وعدم رغبتها في القيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد المدعوم من إيران في سوريا. وفي حين أن دول مجلس التعاون الخليجي رحبت، وبعضها انضمت، إلى حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة ضد “الدولة الإسلامية”، إلى أنها ما زالت تخشى من أن هذا لن يكون كافياً لوقف المجموعة، ناهيك عن هزيمتها.
وتخشى دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً من أن ما تراه من انخفاض في اهتمام أمريكا بأمن هذه الدول لا يعكس سياسة إدارة أوباما فقط، ولكنه سيكون أيضاً سياسة إدارات الجمهوريين أو الديمقراطيين اللاحقة.
وهم يخشون من أن “ثورة الصخر الزيتي” في أمريكا الشمالية، والتي أدت إلى زيادة كبيرة في إنتاج النفط الأمريكي، قد تؤدي إلى خلق تصور في واشنطن بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لم يعودوا بحاجة إلى الاعتماد على بترول الخليج، وبالتالي فإن أمن هذه الدول سوف يصبح مصدر قلق أقل حيوية بالنسبة للولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، تخشى هذه الدول من أنه، وفي حال نجاح جهود إدارة أوباما في تحسين العلاقات الأمريكية الإيرانية، قد تتوسع العلاقات التجارية الناتجة بين البلدين، وهذا ما من شأنه أن يؤدي بالإدارات المستقبلية إلى إعطاء أولوية أقل للمخاوف الخليجية إزاء إيران.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن وجهات نظر دول مجلس التعاون بما يتعلق بالمسائل الأمنية ليست موحدة تماماً. عمان، وبشكل مخالف للآخرين، لديها علاقات جيدة نسبياً مع إيران. وقطر، على عكس الآخرين، دعمت مصر بقيادة الإخوان المسلمين والمعتدلين من جهة نظر الدوحة، ولكن الذين ينظر إليهم من قبل باقي دول المجلس على أنهم متطرفون تمت الإطاحة بهم من قبل الجيش المصري في عام 2013. ولكن، جميع حكومات مجلس التعاون الخليجي تعتمد على الولايات المتحدة على أنها الحامي الأساسي لها حتى الآن. ولذلك، فإنها جميعها محبطة نتيجة ما تعتبره هذه الدول تراجع الاهتمام الأمريكي في مساعدتها.
ونتيجةً لذلك، دعت بعض الأصوات في الخليج دول مجلس التعاون إلى البحث عن قوى داعمة أخرى. ومن بين هذه القوى المرشحة تم ذكر الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، والهند. ولكن ليس من الواضح بعد ما إذا كانت أي من هذه القوى راغبة أو قادرة على لعب هذا الدور. ولا يبدو أن دول الاتحاد الأوروبي على استعداد للقيام بدور المدافع عن دول مجلس التعاون الخليجي دون قيادة أمريكية، أو ربما حتى مع وجود القيادة الأمريكية.
وروسيا ترغب في لعب دور أكثر نشاطاً في أمن دول مجلس التعاون الخليجي، ولكنها ليست على استعداد للتضحية بعلاقاتها الوثيقة مع إيران (أو إسرائيل) من أجل دول مجلس التعاون الخليجي. كما إن موسكو ليس لديها الرغبة في الانخراط في نشاط عسكري متواصل خارج الاتحاد السوفيتي السابق. وأوكرانيا هي الأولوية العليا بالنسبة لها الآن على أي حال.
وفي حين أن الصين والهند أصبحتا أكثر حزماً في شؤون الجوار القريب، إلا أنه يبدو أنهما، وعلى حد سواء، يفضلان أن تستمر أمريكا في حماية دول مجلس التعاون الخليجي التي تزودهم بالنفط، بدلاً من القيام بهذه المهمة المكلفة بأنفسهم. هذا، وليس هناك أي مرشح آخر إلى جانب الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند يمكنه أن يحل محل الولايات المتحدة باعتبارها القوة الكبيرة الحارسة لدول مجلس التعاون الخليجي.
ورغم ذلك، لا يبدو أن البعض في دول مجلس التعاون الخليجي يريد الاعتراف بهذا. وآخرون يعرفونه، ولكن يبدو أنهم يأملون بأن الحديث عن اللجوء إلى القوى العظمى الأخرى قد يدفع بواشنطن لبذل المزيد من الجهد لحماية دول الخليج خوفاً من فقدان نفوذها هناك لصالح منافسيها.
وهناك أيضاً القليل جداً من التقدير، أو حتى التسامح، مع فكرة أن التقارب الإيراني الأمريكي يمكن أن يفيد فعلاً دول مجلس التعاون الخليجي من خلال زيادة القدرة الأميركية على تعديل السلوك الإيراني من خلال تقديم الجزر لطهران، بدلاً من العصي فقط.
وما زال غير مؤكد إلى حد بعيد ما إذا كانت آمال إدارة أوباما فيما يتعلق بالتقارب الإيراني-الأمريكي ستأتي ثمارها. ولكن حتى إذا تم ذلك، فإنه لا أوروبا، ولا روسيا، ولا الصين، ولا الهند، سوف تقوم بتقليص علاقاتها الخاصة مع إيران لكي تحل محل النفوذ الأمريكي في دول مجلس التعاون الخليجي. كما إنّه لن يكون هناك أي قوة كبيرة تعمل بجدية أكبر من الولايات المتحدة ضد التهديد الذي تشكله “الدولة الإسلامية”.
وهكذا، ورغم الإحباط الذي تشعر به دول مجلس التعاون الخليجي تجاه واشنطن، إلا أنه ليس لدى هذه الدول خيار سوى الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتها.
*مارك كاتز
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها